زوجة في محراب بيتها

عزة مختار

[email protected]

كثيرة هي تلك المشكلات التي يتعرض لها كلا الزوجين خاصة في بداية حياتهما حتى يستطيع كل طرف فهم الآخر والاعتياد علي طباعه وتفهم شخصيته ويكون قادرا علي تحليل سلوكه ومعرفة دوافعه تجاه أي تصرف ربما يكون يرفضه منه .

وهذا الفهم المطلوب لا يحدث هكذا اعتباطا ، وإنما وراءه جهد جهيد ومحاولات عدة للتحدث والاستماع إلي الطرف الآخر حتى يصل لما يريد من معرفة تساعد كلاهما علي اجتياز أي مشكلات طارئة بينهما  قد تحدث مستقبلا .

ولأنني أحب بنات جنسي ودائما انحاز إليهن خوفا عليهن من غضب الجبار أولا ثم رغبة أكيدة مني في أن تنال كل واحدة حظها من السعادة في بيتها بالحب والتفاهم والدفء والعطاء الغير مشروط ، فقد آثرتها بالكلام والنصح بحثا عن حقها المهضوم والذي خدعوها بالمطالبة به كثيرا بينما هي في الحقيقة لم تكن تطلب سوي ضياعها كامرأة وحقها كإنسانة كاملة الإنسانية لها مهمة خلقها الله من أجلها وفضلها بها علي الرجال  .

خدعوها باسم  الحقوق وما هي إلا مهاترات كي يستمتعوا بها كدمية وسلعة يتكسبون من ورائها .

آثرت أن أوجه حديثي إلي المرأة  علي اعتبار أنها مخلوق رائع ، خلقه الله عز وجل كي يقوم بأسمى وظيفة علي الأرض ، تتعامل مع هذه الوظيفة السامية مع البشر ، مع النفوس الإنسانية كي تدفعها وتقومها وتحافظ عليها ، كي تقوم تلك النفوس التي أعدتها المرأة إعدادا مناسبا كي تبني وتعمر الأرض وتبني الحضارات ، وعلي قدر ما تبذله المرأة من جهد في عملية  التربية والعطاء بقدر ما تتقدم البشرية وتنهض .

عن أسماء بنت يزيد الأنصارية أنها أتت النبي صلي الله عليه وسلم  وهو بين أصحابه فقالت بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك واعلم ـ نفسي لك الفداء ـ أما إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا في غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي علي مثل رأييي ، إن الله بعثك بالحق إلي الرجال  والنساء فآمنا بك وبالإهك الذي أرسلك وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضي شهواتكم وحاملات أولادكم ، وأنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات ، وعيادة المرض وشهود الجنائز ، والحج بعد الحج ، وأفضل من ذلك كله الجهاد في سبيل الله ، وان الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا ومرابطا حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم فما نشارككم في الأجر .

قال : فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم إلي أصحابه بوجهه كله ثم قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه ؟

فقالوا : يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلي مثل هذا .

فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم إليها ثم قال لها " انصرفي أيتها المرأة واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل احداكن لزوجها  وطلبها مرضاته واتبعاها موافقته تعدل ذلك كله  . قال : فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا "

والحديث وإن كان به  ضعف فقد قوته أحاديث أخري صحيحة  تحدد هوية المرأة ووظيفتها في الحياة ، وحتى لا يؤخذ علي ويفهم من كلامي ما لم أقصده من الحجر علي المرأة في تقلد المناصب والمهام وتلقي أعلي درجات العلم  والعمل العام في الوقت الذي يحتاج إليها الوطن فيه  في حمل مشروعات النهضة والبناء والتقدم  أحدد كلامي في إطار الوظيفة الأساسية والهوية الحقيقية التي تتناسب مع الفطرة الإنسانية التي خلقها الله عليها ، وهذا لا ينفي أبدا أن تقوم المرأة بالدور المطلوب منها خارج بيتها وداخله طالما المجتمع في حاجة إلي مجهودها والإسلام في حاجة إلي جهادها شرط أن تحاول التوفيق والتوازن بين كل ما هو مطلوب منها في حياتها  .

وحقك يا أختي لأنني أحبك وأميل إليك بطبيعة أنني مثلك ، حقك وليس واجبك هو أن تسعدي زوجك  علي اعتبار أنه عبادة تتقربين  بها إلي الله ، إذا عدنا إلي الحديث الشريف " حسن تبعل احداكن لزوجها تعدل ذلك كله " . حسن التبعل يعدل صلاة الجماعة في المسجد كل فريضة ، يعدل حضور الجمع ، يعدل زيارة المريض ، يعدل الجهاد في سبيل الله  ، يعدل جملة كل ما سبق  ، فالمرأة الواعية هي في محراب عبادة مفتوح في بيتها ليل نهار ، تسقي الحب وتستقيه ، تعطي الدفء وتعيشه ، تدفع للخير وتفعله ، تنتظر الزوج المهموم لتحمل عنه بنظرة حانية ولمسة دافئة وقلب مفتوح وعقل واعي يعرف متى تقترب ومتى تبتعد .

إذا مرض فهي الأم الحانية الساهرة ، وإذا غاب فهي المحبة الملهوفة ، وإذا اقترب فهي الصديقة والحبيبة ، وإذا غضب فهي التي لا تهدأ ولا تنام إلا إذا رضي  ، حتى لو كان لها الحق ، إنه رضا الله ، إنها الجنة التي تبتغيها ، إنه ثمن ضئيل في سبيل أجر عظيم وسلعة غالية " ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة " 

فإذا كان لا يستحق  فأنت تستحقين ، تستحقين الجنة ورضا ربك بمحراب عبادة فتحه الله لك بلا حساب وبلا شروط وبأجر مفتوح يعادل كل عبادات الرجال ، محراب بيت يسكنه زوج هو جنتك أو نارك.