القضاء المسيس!
القضاء المسيس!
أ.د. حلمي محمد القاعود
حين هدد الجنزوري الكتاتني بأن قرار حل البرلمان في الدرج, كان ذلك إيذانا بدور سياسي خطير يلعبه القضاء بعد الثورة.
تحققت مقولة الجنزوري وتم حل البرلمان, دون مراعاة لظروف البلد وحالة السيولة التي جرت بعد سقوط النظام الفاسد, واللعب الآثم في مفاصل الدولة لتخريبها ووقف حال الناس وتعطيل عجلة الإنتاج وتطفيش السياح والتضييق علي المواطنين بإغلاق المؤسسات والمصالح الحكومية!.
القضاء المسيس لعبة مارسها النظام السابق, لحماية الظلم والظالمين, وهو ما دفع بعضهم إلي الإعلان علي الملأ أنهم لو كانوا يعلمون أن صناديق الانتخابات ستأتي بهؤلاء( الإسلاميين) ما أشرفوا علي الانتخابات, وهو ما تم تنفيذه بالمخالفة للقانون الدولي في الاستفتاء علي الدستور, ودفع الدولة لإجراء الاستفتاء علي ثلاث مراحل, وستجري الانتخابات التشريعية القادمة علي أربع مراحل تحسبا للامتناع عن الإشراف القضائي!.
إحساس بعض القضاة أنهم طبقة مقدسة فوق الشعب أمر مرفوض من الشعب, فالقاضي مثله مثل بقية خلق الله, وإن كان أكثرهم تعرضا للمؤاخذة الإلهية حين ينحرف بمهمته أو عنها. القاضي له دور يجعله يخشي ربه قبل الحكومة والناس, وهناك أغلبية رائعة ممن يملكون الضمير أو التقوي بالمفهوم الإسلامي, سجل لهم التاريخ في أنصع صفحاته مواقف خالدة. القضاء المسيس أو قضاء مبارك كما يسميه بعضهم, يشتم الناس اليوم علي الملأ ويصفهم بأوصاف لا تليق!.
موقف المحكمة الدستورية من قانون الانتخابات الجديد يصب في حالة التسييس المرفوضة, لقد رفض قبل شهور عزل الفلول, واليوم يؤكد ضرورة عزل الذين لم يجندوا وأقاربهم وفقا لإرادة الأمن ؟ ونسمع من بعضهم تلويحا بحل المجلس القادم بسبب تقسيم الدوائر مع أن مجلس الشوري قام بالتعديل المطلوب ؟ ناهيك عما جري للنائب العام لأول مرة في التاريخ المعاصر وإرغامه علي الاستقالة تحت الضغط والتهديد والهتافات, وهو عمل مستهجن بكل المقاييس! إن الاستمرار في اللدد والخصومة علي حساب الدولة في هذه الظروف الصعبة أمر لا يليق, وستكون نتائجه غير مفيدة لأحد, فاتقوا الله يا أولي الألباب.