أيها الخُيَّاب الفاشلون.. تعلموا من طالبان!

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

بينما ينشغل الخياب الفاشلون بمعاركهم الهامشية والسطحية للانتصار على شعوبهم المسلمة في تحريم النقاب ، والتشهير بالحجاب ، وتقييد تعدد الزوجات ، ومنع الختان ، والتنديد بزيادة النسل ومحاربته ، والدفاع عن التعذيب الممنهج في أقسام الشرطة والمعتقلات والسجون ، وإلهاء الناس عن مشكلات التضخم والفساد والانهيار الاقتصادي والاجتماعي باختلاق مشكلات هامشية وصراعات حول كرة القدم والمتكسبين بها ، وصدام بعض فئات المهنيين والنقابيين ، ثم الترويج للتحالف مع الأعداء والخصوم ، وتبني أفكارهم وتصوراتهم دون قوتهم وتخطيطهم ، والانبطاح أمام إرادة الغزاة ، ومشاركتهم في حصار شعوبهم وقهرها وإذلالها .. بينما يحدث هذا وغيره ، يأتينا درس جديد آخر من شرق العالم الإسلامي غير الدرس التركي الذي جاء من الغرب الإسلامي .. إنه درس طالبان ! نعم طالبان التي تقاتل لتحرير بلاد الأفغان من الغزاة القتلة الصليبيين !

في الأيام القليلة الماضية أعترف وزير الدفاع الاستعماري الصليبي في الولايات المتحدة " روبرت جيتس بـصعوبة هجوم القوات الدولية ( الاستعمارية ) في أفغانستان علي حركة طالبان‏,‏ إلا أنه شدد علي إحراز تقدم برغم الخسائر الكبيرة في الأرواح‏ الأهرام 22/6/2010م . ونقل راديو سوا الأمريكي 21/6/2010م ، عن جيتس قوله أعتقد أن هناك تسرعا في إصدار الأحكام حول الوضع ( يشير إلى ما قيل عن هزائم القوات الاستعمارية !) ، والمهم أننا نحرز تقدما‏، ‏ولكن بوتيرة أبطأ من المتوقع‏ .

‏وحول تصريحات الجنرال الأمريكي ستانلي ماكريستال القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلنطي‏(‏ الناتو‏)‏ في أفغانستان بخصوص بطء تقدم العمليات بسبب الصعوبات علي الأرض‏,‏أكد جيتس أن ماكريستال عبر في رسالته إلي وزراء الناتو عن ثقته في قدرته علي إثبات أنه لا يطبق فقط الإستراتيجية المناسبة بل أيضا يحرز تقدما ملموسا بحلول ديسمبر المقبل‏!!

من ناحية أخرى ذكرت وكالات الأنباء أن القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في أفغانستان (إيساف) أعلنت عن مقتل أحد جنودها في أفغانستان، مما يرفع عدد القتلى في صفوفها إلى عشرة جنود خلال 24 ساعة. وقالت القوة التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) إن الجندي قتل في جنوب أفغانستان دون أن تعطي إيضاحات إضافية.  وكانت إيساف قد أعلنت قبل يوم واحد عن مقتل تسعة من جنودها أغلبهم من الأميركيين في حوادث متفرقة بأفغانستان.  وذكر الحلف أن أربعة من جنوده هم ثلاثة أستراليين وأميركي قتلوا وأصيب سبعة آخرون في سقوط طائرة مروحية عسكرية في ولاية قندهار.

 كما قتل جنديان من الحلف الأطلسي -أحدهما أميركي والآخر كندي- في انفجارين منفصلين بالجنوب الذي يعد معقلا لـحركة طالبان

طالبان كما يعلم الناس في العالم الإسلامي قوم بسطاء ، يعيشون عيشة الكفاف ، ويستخدمون أسلحة بدائية في مقاومة القوات الاستعمارية الصليبية التي دمرت أفغانستان ، وأسقطت حكمهم ، وطاردتهم إلى الجبال ، بعد أن قتلت نصف مليون أفغاني بريء لا يعرف أين تقع أميركا ، وطالبان يملكون شيئا لا تملكه القوات الاستعمارية الصليبية ، وهو الإيمان القوي بدينهم ، وهذا الإيمان يصنع إرادتهم القوية في الجهاد ضد القتلة الاستعماريين وعملائهم ، وهو ما حطم خطط الغزاة ، وجعلهم يتخبطون ، ويرتبكون لدرجة أن يسقط قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط ديفيد بترايوس مغمى عليه وهو يدلي بشهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وقد أشارت مجلة تايم إلى أن  قائد قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال الأميركي ستانلي مكريستال ما فتئ يستعطف الأفغان ويستدر عاطفتهم، مما يدلل على انخفاض في المعنويات الأميركية حول سير العمليات العسكرية في لأفغانستان .

 وفي حين أكد بترايوس على تأييده خطة أوباما في بدء الانسحاب من أفغانستان وفق الجدول الزمني في العام القادم (2011م) ، ذكرت تايم أن مكريستال قال لجموع من الأفغان في أكثر من مناسبة إن لدى والده ولدا وأكثر من قريب يدافعون عن حرية أفغانستان، متسائلا عما إذا كان لديهم أبناء للدفاع عن حرية بلادهم أم لا؟

وأوضحت المجلة أن مكريستال كرر هذا الأسلوب العاطفي في الحديث مع الأفغان في الأسابيع الأخيرة، مما يدلل على مدى حالة الإحباط والإرهاق واليأس التي تعانيها الرتب العليا في القوات الأميركية.

فقد أشار الكاتب الأميركي جورج ويل إلى ما وصفها بقدرة فرد عسكري أميركي على إدراك أن إستراتيجية أوباما في الحرب على أفغانستان هي إستراتيجية خرقاء ومعوجة ويشوبها الخلل. وأوضح ويل في مقال نشرته له صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن سيلا جارفا من الرسائل الإلكترونية يصل لأعضاء الكونغرس بشكل يومي ويكاد يغرقهم، وأنه قلما تصل رسالة ملفتة للانتباه مثل تلك التي وصلت من ضابط صف صغير في القوات الأميركية المتمركزة في أفغانستان.

وفي حين شرح العسكري الأميركي في رسالته المصاعب التي تواجهها وحدته العسكرية في الحرب على أفغانستان، أوضح أن قواعد المواجهة والاقتتال الميداني التي تتبعها القوات الأميركية في الحرب على أفغانستان "لا تمكّن قوات التحالف من تحقيق أي فوز تكتيكي مستمر".

إن طالبان وهو تواجه أقوى جيوش العالم بلحمها العاري ، ولا تتأثر بحملات الدعاية الخسيسة التي يشنها الإعلام الصليبي ، وأتباعه في العالم الإسلامي ‘ فإنها تقدم درسا للخياب الفاشلين الذين يملكون كل عناصر القوة والعمل والنصر ، ومع ذلك يهدرونها ويفيئون إلى ظل الكسل والنوم العميق ، وينتظرون الأمم المتحدة واللجنة الرباعية والمجرم الكذاب توني بلير ، والوسيط غير النزيه جورج ميتشل ، ويقدمون التنازلات تلو التنازلات ، وآخرها ما قدمه فخامة رئيس دولة رام الله المحتلة محمود عباس ، من اعتراف غير مفهوم بحق اليهود النازيين الغزاة في أرض فلسطين الإسلامية المقدسة !

ففي لقائه مع 30 من قادة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والباحثين وأعضاء في الإدارة الأمريكية السابقة، مؤخرا في "مركز دانيال أبرامز للسلام في الشرق الأوسط"، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه "لن ينفي أبدا حق الشعب اليهودي على أرض إسرائيل". واستغرق اللقاء مدة ساعتين بطريقة الأسئلة والأجوبة، حضره من جملة الحضور ممثلون من كبار المسئولين في "إيباك" وما يسمى بـ"العصبة ضد التشهي . وجاء أن الأسئلة تركزت حول المفاوضات التقريبية و"التحريض الفلسطيني". ونقل عن رئيس السلطة الفلسطينية قوله في هذا السياق إنه على استعداد لتشكيل لجنة متابعة ثلاثية لمتابعة التحريض، إلا أن القيادة الصهيونية  لم توافق. كما نقل عنه اقتراحه أن يقوم رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو بإجراء مقابلة مع التلفزيون الفلسطيني، أسوة بما فعله هو مع القناة الإسرائيلية العاشرة ( أمجاد العرب 10-6-2010م ) .

لن يكون الإعلان عن حق اليهود الغزاة القتلة في فلسطين هو التنازل الأخير ، فقد سبقته تنازلات تصل إلى حد الخيانة العظمى ، تتعلق بالتآمر على أشقاء الدم والوطن ، ولم يكن التصريح الذي أعلنه وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان يوم الخميس 13 أيار (مايو) 2010 لصحيفة هآرتس الإسرائيلية،التصريح الوحيد، حيث أعلن أن السيد محمود عباس، الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته، كان قد أجرى مكالمة هاتفية مع المسئولين الصهاينة إبان الحرب على غزة العام الماضي 2009م ، وطالب فيها الغزاة اليهود القتلة بـ "القضاء على حماس"!

اتهامات ليبرمان تعيد إلى الأذهان ما صرح به مسئولون فلسطينيون، مقربون من الرئيس المنتهية ولايته، تزامنت في توقيتها مع التصريحات المنسوبة إليه. فمنذ الساعات الأولى للعدوان الصهيوني على غزة، سارع مسئولون فلسطينيون بالإدلاء بتصريحات لا تليق بمستوى مسئول يحمل أدنى درجات الانتماء الوطني، ولو كانت مثل هذه التصريحات صدرت من مسئول غربي تتعرض بلاده لهجوم لعوقب وأقيل من ساعته ودمغه الشعب بالخيانة !

في اليوم الأول للهجوم على غزة، حمّل أحد مستشاري السيد عباس، حكومة غزة مسئولية القصف النازي اليهودي بأسلوب تهكّمي لم يخل من تَشَفٍّ واضح، إذ طالب قيادات حماس بإحراق الأخضر واليابس في الكيان الصهيوني! وفي الوقت ذاته، دعا الأمين العام للرئاسة الفلسطينية، سكان غزة إلى الصبر، مشيراً إلى «قرب سقوط اللاشرعية في غزة»أي سقوط حماس او طالبان فلسطين كما يسميها بعض الخونة، ومبشراً بعودة «الشرعية الفلسطينية إلى غزة» أي حكومة عباس ودحلان !

 وقد أدلى أحد أعوان الرئيس المنتهية ولايته، بعد نهاية الحرب على غزة مباشرة، من أن "القيادة الصهيونية أخطأت حين أوقفت الحرب على غزة"!

وفي حي الدقي بالقاهرة كان المدعو دحلان يجيش أصدقاءه الإعلاميين والصحفيين ضد حماس والمقاومة ، ويستعد للزحف من العريش نحو القطاع  بعد تحريره بوساطة الصهاينة ، ويستعيد فيه تجليات الأمن الوقائي الدموية بالذبح والقتل وتقديم الخدمات المجانية وغير المجانية للعدو النازي اليهودي !! ولكن الله أحبط تخطيطه ومن معه.

على جبهة طالبان ، فإن القوم مهما اشتد الحصار والمطاردة ، فهم يعلمون شيئا واحدا هو الصبر والشهادة حتى يأذن الله بالنصر الكامل ، وهم في كل الأحوال لا يقدمون أية تنازلات للعدو الاستعماري الصليبي !

طالبان الآن تحصد بشائر النصر على أعتى قوى الشر الاستعمارية الصليبية ، وتنتظر بإذن الله فجر النصر الكامل . فهل تتعلمون من طالبان أيها الخياب الفاشلون ؟