أسس إدارة المعرفة
م. أسامة الطنطاوي
إن المعرفة والمعلومات تمثل نوراً وشفافية، فهي تعني وضوح الواقع مثل الرؤية في وجود الشمس او في وجود مصابيح الاناره ..
والمعلومات تعنى الواقعية عن الحاضر وكيف وصلنا له مقارنة بما فعلناه بالأمس ..وهى الأساس للتوجه نحو المستقبل ..
ولهذا فان توفر المعلومات لدى الفرد ولدى المؤسسة ولدى الدولة والمجتمع هى أولوية أولى بل هى أساس لأى تنمية وتطور يحدث على أى من هذه المستويات .. وغياب المعلومات هو ظلام ودافع للتخلف والفشل بل وللإنهيار السريع فى معظم الأحيان .. لأن الإنسان حين لايرى يتخبط مع محددات الواقع .
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسوالله صلى الله عليه وسلم : ((من كتم علما يَعْلَمُهُ جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلْجَمًا بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ " .
وقد كان الحديث في السبعينات يدور حول ادارة النظم وفي الثمانيات عن ادارة المعلومات وادارة قواعد البيانات ونظم دعم القرار وفي التسعينات عن الانترنت وطرق المعلومات السريعة .. وفي هذا القرن نري الحاحا شديد لضرورة مواجهة متطلبات مجتمع المعلومات العالمي لما يسمي بمجتمع المعرفة و تطوره التدريجي و الموضوعي للعلم والخبره المتراكمة ولأهمية الموضوع فسنقوم باستعراض بعض المفاهيم الاسياسية التي يبني عليها مجتمع المعرفة والتي تشمل الآتي:
أولا : الاصول المعرفية (وتمثل القيم المالية والإقتصادية لهذه المعرفة وهى تمثل هنا موردا مثل المال والبشر وغيره) .
ثانيا : تراكم المعرفة (وتعنى الإضافات المرحلية للعلم والخبرة والمعلومات والبيانات) .
ثالثا : تفاعل المعرفة (وتمثل الترابط والتكامل والتزاوج أو التناقض بين أسس المعرفة ) .
رابعا : الأهمية الزمنية للمعرفة (وتتطلب إستخدامها فى نافذة من الزمن لتحقيق العائد منها ) .
خامسا: العائد الاقتصادي للتوظيف الفعال للمعرفة(وتمثل القيمة الإقتصادية المضافة نتيجة لتطبيق المعرفة ) .
سادسا : العائد الاجتماعي للتوظيف الفعال للمعرفة (ويتمثل فى تقدم ورقى الخدمات وجودة الحياة وسعادة الإنسان والحرية والديمقراطية فى المجتمع ) .
سابعا : المعرفة للجميع (وهى تعنى العدالة فى الحصول على المعرفة بين أفراد المجتمع الواحد دون تميز طبقى أو دينى أو نوعى ..إلخ ) .
ثامنا : مؤسسات المعرفة (تقليديا هى المدرسة والجامعة ومعاهد البحث) وتمتد اليوم لتشمل كل أنواع المؤسسات حكومية أو عامة أو خاصة .
تاسعا : قواعد المعرفة .
عاشرا : إدارة المعرفة .
وقد يكون مفيداً إيضاح أن المعرفة تختلف عن البيانات والمعلومات بينما البيانات تعكس حقائق أو قياسات وإحصاء توضح المعلومات لتشغيل هذه البيانات زمنيا فان المعرفة تتطلب معلومات وإطار وتتطلب أيضا أن تكون مرجعية وتنفيذية .
المعرفة تعنى المقدرة على إيجاد الحلول وحل المشاكل ولكن المعلومات فقط لاتعنى هذا.
وإن إدارة المعرفة فى عصرنا هو علم وممارسة وخبرة وفن لتوظيف أهم مورد لدى الإنسان والمؤسسة والمجتمع بحيث يزداد تقدمها وإنتاجياتهاورفاهيتها .
و الجيل القديم يتحدث عن إدارة البيانات والأحدث يتحدث عن إدارة المعلومات .
وإن التحدى الذي سيواجه الجيل المعاصر والأجيال القادمة هو إدارة المعرفة ، وهو فى أهميته – بل يزيد – عن إدارة الموارد المالية للمؤسسة وإدارة الموارد البشرية وجميع مدخلات العمل وغيرها .. بل هو شامل لكل هذه الموارد وشامل لكل إستخدام جيد وزمنى بل أكفأ ومتميز لكل هذه الموارد ، لهذا ليس إختياراً أن نبشر بأهمية إدارة المعرفة ولكنها حتمية للتقدم والبقاء ..
ويعتبر أساس المعرفة هو مدرسة ومنهج ومعلم وتلميذ يتعلم بتميز ويتعلم كيف يتعلم، وجامعة تؤهل وتعد كقيادة واداره لعلم ، وتفتح لتوظيف العلم في كل مجالات الحياه ، وكقدره على التعلم المستمر لكيفية التعلم وتطيبق الجديد في كل قطاعات الحياة ..
وهذه ليست فلسفة ولكنها إطار حياة للمجتمعات التي تنهض وتجاهله او رفضه يعني عدم توظيف- أكبر هبة أعطاها الله " سبحانه وتعالى " للإنسان وهي العقل لحياة الإنسان ولتقدمه ورقيه .
والمعلومات حق لكل انسان .. وتوفير المعلومات هى مسئولية وواجب على الحكومة وعلى كل مؤسسة وشركة .
فقد انتهى عهد سرية كل ماهو مسمى بيانات ومعلومات .
نعم هناك معلومات سرية أو لها درجات سرية يجب أن تحترم ولكن معظم البيانات والمعلومات يمكن ويجب نشرها . وعلى كل مؤسسة تحديد ماهو سرى وما هو متاح للنشر .
إن عصر المعلومات يعني ما هو اكثر من عصر الكمبيوتر وهو يعني انسان يعلم ويعرف ويرى ، ويعنى بيانات تتوافرومعلومات تنتج وتنشر على كل أفراد المجتمع من أجل خير ومصلحة الجميع.