الكتاب.. والميزان.. والحديد
حامد بن أحمد الرفاعي
أرسل الله سبحانه رسله.. وأنزل كتبه.. وختم الرسالات فأرسل خاتم رسله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليتمم ما جاء به من سبقه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام..ويكمل مهمتهم في ترشيد المسيرة البشرية في الكون كما أكد ذلك سيد الخلق صلى الله عليه وسلم:"إنّما بُعثتُ لأتمِّمَ مَكارمَ الأخلاقِ"ولقوله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ،إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ,فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ،وَيَعْجَبُونَ لَهُ,وَيَقُولُونَ:هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ..؟قَالَ:فَأَنَا اللَّبِنَةُ..
وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ"وأنزل جلَّ شأنه القرآن فرقاناً مؤتمناً على ما جاء فيما سبق من كتبه سبحانه لقوله تعالى:"نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ"واقتضت إرادته تباركت أسماؤه فجعل العدل ميزان السير والتعامل العادل بين الناس لقوله تعالى:"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ"وأنزل جلَّ جلاله الحديد رمزاً للقوة والمنعة والهيبة وأودع فيه بأساً شديداً نصرة للحق والعدل وأمن العباد لقوله تعالى:"وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيز"فالكتاب والميزان والقوة هي مرتكزات السير الآمن العادل في الأرض..
الكتاب يقيم العقل السليم ويبني الوجدان المستقيم..والميزان يضبط السير ويحكم معايير العدل ليعيش الناس بالقسط والإنصاف..والحديد مصدر القوة والمنعة والصلابة والشدة والبناء والهيبة فهو مادة أساس في بنية الكون والخلائق لقوله تعالى:"فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس"وهو مادة الصناعات الثقيلة والصروح العملاقة المتينة..وهو أساس علم السبائك وما أدراك ما علم السبائك..؟فاسألوا خبراء صناعات الدروع وبأسها المذهل المعجز كما هو مؤكد بقوله تعالى:"آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً"أجل مع قيم الكتاب ومبادئه..وبإقامة مهمة الميزان والعدل..وبالتفعيل الإيجابي لبأس الحديد ومكنونات منافعه..يقوم السير الراشد في الحياة..وتعلوا وتشمخ صروح البناء والارتقاء..وتتفتح ابواب الكفاية والنماء والازدهار..ويندحر الفساد والظلم والبغي والعدوان..وتشرق في حياة الناس والكون وتسود قيم الصلاح والإصلاح والعدل والأمن والسلام.