الزوجة المخدة!
أ.د. حلمي محمد القاعود
تبسمت عندما قرأت تشبيه أحد الصحفيين الكبار للزوجة بالمخدة في إطار تعليقه علي فتوي سلفية تتناول امتناع المرأة عن فراش الزوجية بسبب البرد! لم أقرأ نص الفتوي,
ولكني قرأت التعليق الذي يفيض بالمرارة انتصارا للمرأة دون أن يضع في حسبانه أن الطرف الثاني وهو الزوج غالبا ما يمتنع بل يهرب في أيام البرد بسبب الارتباط بالعمل في الصباح الباكر أو بداعي الإجهاد في العمل أو المرض أو نحو ذلك. ثم إن الأمر عادة بعيدا عن الحالات الاستثنائية يقوم علي التفاهم والرغبة المشتركة.
هناك فتاوي تبدو شاذة أو ملفقة يعتمد عليها بعض الإعلاميين فينفخون فيها, ويؤججون نيرانها ليس بقصد معالجتها, ولكن لاستخدامها في سياق الصراع السياسي والتنافس الحزبي, وربما التشهير بالإسلام وإبراز ما يعده بعضهم جانبا قبيحا في قيم الإسلام ومفاهيمه.
في العام قبل الماضي راجت مقولة إقامة الحد علي شخص بقطع أذنه لأنه مارس الرذيلة, والإسلام ليس فيه حد يسمي قطع الأذن هناك مثلا قطع اليد بالنسبة للصوص, وخاصة إذا كانوا من الكبار. وقد ثبت قضائيا بعدئذ أن المسألة علي غير ما نشر وأذيع!
ثم رأينا من يتحدث عن فتوي مضاجعة الوداع المقززة, ولم يتوصل أحد إلي قائلها, ولكن الحديث راج وانتشر, وأخذ وقتا طويلا من المناقشات والتعليقات تضاءلت إلي جانبه قضايا الوطن الكبري.
بعدها سمعنا عن فتوي هدم الأهرامات, وجيء بشخص مجهول خصصت له ساعات طويلة من الإرسال التليفزيوني وصفحات عريضة من الصحف السيارة لتناول المسألة التي تهدد الحضارة, مع أن الأهرامات ظلت منذ إنشائها لم يمسسها سوء, حتي جاء السفاح( المستنير!) نابليون في حملته الدامية علي مصر, فوجه مدافعه إلي الأهرامات فلم يستطع هدمها, وإن كان قد تمكن من كسر أنف أبي الهول ليبقي شاهدا علي( استنارته وتقدميته!).
لا ريب أن الدولة العميقة تقف من وراء الترويج لمثل هذه الفتاوي وتفتح المجال الإعلامي واسعا لتشغل الرأي العام بهامشيات لا قيمة لها في وقت حرج تحتاجه البلاد لمعالجة قضايا أكبر وأهم.