جيش الدفاع رجس من عمل الشيطان
توفيق أبو شومر
إنها دولة فريدة، لا في صيغ قوانينها، ولا في طريقة حياة الإسرائيليين فيها فقط، ولكن في كل ما سبق، فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تُسخر كل مواردها لخدمة الجيش، فالتعليم تمهيدٌ لدخول جيش الدفاع بمناهجه التي تحثُّ القاصرين وتحببهم في الجيش، في دروس المطالعة والتاريخ والنشاط، فهي الدولة الوحيدة التي كانت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي تُصادر الأطفالَ من آبائهم وأمهاتهم ولا تسمح لهم برؤيتهم أكثر من ساعات معدودة في اليوم، ثم تقوم بتربيتهم في دفيئات الكيبوتسات ليصبحوا جنودا !
وهي الدولة الوحيدة في العالم التي فيها أكبر نسبة من البطالة المقنَّعة باسم الدين، فربع سكانها الحريديون عاطلون عن العمل بحجة أنهم عاكفون على تعلم التوراة، كما أن نصف الحارديم أنفسهم يرون في الاختلاط بغيرهم نجاسة، لذا فهم منغلقون على أنفسهم، لهم أحياؤهم الخاصة بهم والمحظورة على غيرهم،وهم يعتقدون أن جيش (الدفاع)الإسرائيلي رمز من رموز العلمانية الكافرة، لذا فهو رجسٌ من عمل الشيطان!
وتكمن الطرافة في الأمر أن حاخامات العاطلين هؤلاء يتلقون مرتباتٍ من الحكومة (الكافرة) ومن فائض أرباح شركة رفائيل العلمانية العسكرية، مرتبات تفوق الخيال، تصل كحد أدنى إلى أكثر من عشرة آلاف دولار في الشهر،ولا يحرمونها! كما أن عدد حاخامات إسرائيل ربما يبلغ عدة ألوية من الجيش الإسرائيلي كله والبالغ ما يقرب من مائتي ألف جندي وضابط!
إسرائيل دولة لا نظير لها في استخدام ماضيها لخدمة حاضرها، فهي أذكى دول العالم في توظيف التاريخ ( الظنِّي)القديم لخدمة مستقبلها( الواقعي)، فهي تواظب على استعمال مصطلح (العودة للجذور لثلاثة آلاف سنة مضت) وتمكنت خلال مدة طويلة من إقناع العالم بهذه الحقيقة، أو إسكاته على الأقل لتمرير هذه النظرية!
نعم إن إسرائيل هي دولة فريدة بكل معنى الفرادة، لأنها توظِّف الأيدلوجيا القديمة لخدمة أحدث الشعارات العالمية اليسارية التقدمية (حرية- عدل- ديمقراطية) على الرغم من أنها تمارس الاحتلال والاضطهاد على غير اليهود!
نعم إن رئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو يستحق بجدارة أن يكون ملكَها المُتوَّجَ، لأنه يعرف كل تلك الحقائق ويطبقها على الأرض! فهو يستخدم تكنولوجيا العصر في زي غابر الزمان والأوان، فهو يشعل أنوار شمعدان الانتصار الكبير (الحانوكاه) في صفحته على الفيس بوك، وهو أحد أهم أعياد المتزمتين الحارديم! وهو يرتدي طاقية الكيباه التي تعود إلى العصور السالفة،على الرغم من أن الأصوليين يحرمون شبكة الإنترنت ومشتقاتها!!
وهو لا يفوِّتُ مناسبة دينية إلا ويكون ضيفَ شرفها، فهو ضيف شرف في مسابقات حفظ التوراة أوالتناخ ، فابنه الأصغر متدين يواظب على دراسة التناخ، ويحفظ أجزاء كبيرة منها، بينما الابن الأكبر يائير رقيبٌ في جيش الدفاع !!
وهو أيضا يُركز في صوره على جيش الدفاع ويتفقد ويلتقي ويسلم على الجنود والقادة بلباس حضاري آخر، وتوظّف حكومتُه صفحات التواصل الاجتماعية في الفيس بوك والتويتر للدعاية لإسرائيل بواسطة رئيس الحكومة!!
ألا يستحقٌّ نتنياهو أن يكون بعائلته صورة لإسرائيل كلها،وهو لذلك يستحق أن يتوَّج ملكا لبني إسرائيل ولغير بني إسرائيل؟!!