هل الإسلام والمسلمون شيء واحد؟

هل الإسلام والمسلمون شيء واحد؟

محمد بن حمد الحربي

كنت في زيارة لليابان لحضور مؤتمر للتعريف بالإسلام وذلك في منتصف عام 1988م، ومنذ الوهلة الأولى التي وطأت قدماي أرض اليابان وأنا أشعر بدهشة لما وصل إليه اليابانيون من تقدم والذي تجاوز في إنجازاته كل تصور في زمن قصير رغم كل المصاعب التي واجهتهم والضغوط التي مورست عليهم.

وفي هذا المقام، هذا لست بصدد الحديث عن اليابان واليابانيين وعما شاهدته هناك، أو عن كتابة تقرير عما جرى في مؤتمر التعريف بالإسلام الذي حضره عدد كبير من البوذيين قرر معظمهم أن يسمعوا لأول مرة عن الإسلام ديناً وتشريعاً ومنهاجاً صالحاً لبني الإنسان في كل زمان ومكان. ولكن حديثي اليوم فرضه سؤال عجيب وجهه لي أخ مسلم عربي يقيم باليابان.

سألني السائل العربي وهو يقطر أسى وألماً: (هل أجد عندك إجابة عن سؤال يحيرني، وهو باختصار: هل هناك علاقة بين الإسلام والتخلف؟) ثم راح يخفف من وقع السؤال علي فقال: (لا تؤاخذني، فكل الشواهد في عالمنا المعاصر تؤكد ذلك... ناهيك عما أعرفه وتعرفه عن صفة التخلف التي أصبحت قرينة كل الدول الإسلامية ويخففون من تلك الصفة فيطلقون على هذه الدول صفة "النامية، الفقيرة، والعالم الثالث.. إلخ" يقول إنني حزين لذلك الواقع ولكن لا أستطيع أن أكتم عنك السؤال).

انتهى كلام ذلك المسلم العربي الذي يعيش في اليابان.. وكم كنت أتمنى ألا أسمع مثل ذلك السؤال، فقد أثار كوامن نفسي الحزينة على واقع بلادنا الإسلامية، فكل ما فيها وللأسف يشدها إلى أسفل، في حين ارتقت في مدارج الصعود إلى أعلى بلاد لا تدين بالإسلام.. ذلك الدين القيم الذي يشد أتباعه إلى أعلى.. إلى الأقوى.. إلى الأفضل وإلى الأمثل، وباختصار إلى كل ما يحقق الخير والتفوق والتقدم والسعادة للإنسان. قلت لسائلي: سامحك الله، لماذا لم تدعني أعيش أيامي هنا في انبهار، لماذا أيقظت كوامن الأسى والحزن على بلادي المسلمة في شرق الدنيا وغربها.. إن سؤالك يجب أن يكون: هل هناك علاقة بين المسلمين والتخلف؟

وحينئذ يمكن أن نتحاور، أما أن تربط الإسلام والتخلف، فقد أخطأت وتجاوزت، فالإسلام دين العلم ودين الحضارة والتقدم، وقد ضرب المسلمون في ذلك بسهم وافر حين كانوا مسلمين حقاً.. حين كان الواحد منهم قرآناً يمشي على الأرض.. ولما تخلفوا عن قرآنهم وشريعتهم، أصبحوا على ما تراهم من فقر وتخلف وتمزق.

وكررت له القول إن الإسلام شيء والمسلمون شيء آخر.

وطلبت منه أن يدعو الله معي أن يأتي يوم قريب نتفق فيه على أن الإسلام والمسلمين شيء واحد.. وما ذلك على الله بعزيز.