تحرير الشيخ المحلاوي !
أ.د. حلمي محمد القاعود
كنت أشاهد المؤتمر الصحفي الذي عقده فضيلة الشيح أحمد المحلاوي خطيب مسجد القائد إبراهيم الشهير بالإسكندرية عقب تحريره وتحرير المسجد من قبضة البلطجية المنتمين إلى جبهة التخريب الوطني . لقد أسروا الشيخ ومعه أكثر من خمسين ومائة طفل وامرأة ورجل معظمهم من كبار السن ، ومنعوا رفع الأذان ؛ وذلك منذ صلاة الجمعة ظهر الرابع عشر من ديسمبر 2012 حتى فجر الخامس عشر منه .
كان يشغلني قبل بداية المؤتمر مقال لأحد رؤساء التحرير السابقين في صحيفة قومية حكومية . المقال يتناول ما زعمه الكذابون في قنوات اللصوص الكبار وصحف الضرار عن تعرض مخرج ناصري فاشل للضرب والأذى وتحطيم سيارته على بوابة مدينة الإنتاج الإعلامي بمعرفة المعتصمين الذين يقودهم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل !
الصحفي المذكور لم يتحقق من صحة الخبر الكاذب ، ولكنه بنى عليه هجاء رخيصا للإسلاميين والشيخ حازم والإسلام ! ومشكلة هذا الصحفي أنه كان يلمع بيادة الأمن ، ويعبد حسني مبارك من دون الله ، ويوظف جريدته من المانشيت حتى الصفحة الأخيرة لخدمة الطاغية وحرمه وأسرته ، ويدافع عن الحكم الظالم وتشريعاته وقوانينه ، ولم يعرف عنه أنه وقف إلى جوار مظلوم . وهو اليوم يريد أن يعوض ما فاته في العبودية والخسة والجبن ليبدو بطلا مغوارا ضد الرئيس المنتخب الطيب فيصفه بالديكتاتور والطاغية والفرعون ، ولو كان الأمر كذلك لجعله ينسى نفسه وألقى به وراء الشمس . لا نامت أعين الجبناء !
الشيخ المحلاوي لم يلفت نظر الصحفي الذي ابتلع حبوب الشجاعة مؤخرا في عهد الرئيس مرسي ، وأيضا لم يلفت نظر الإعلام الضال المضل ، بل إن مقدم برامج أمنيا معروفا أراد أن يتناول الجريمة فاتصل بالشيخ ليلفق له تهمة أنه دعا الناس للتصويت على الدستور بنعم ، وأنه استغل منبر المسجد في الدعاية السياسية . يعني باختصار أن مقدم البرامج الأمني يحلل حصار الشيخ ، ويبارك العدوان على مسجد القائد إبراهيم وهو عدوان غير مسبوق منذ اعتداء نابليون على الأزهر ، واعتداءات أمن الدولة على المصلين في زمن الطغيان والفساد . الشيخ الجليل رد على مقدم البرامج في قناة غسيل الأفكار بأنه لم يدع أحدا للتصويت بالموافقة على الدستور ، ولكنه دعاهم لأداء الواجب الوطني ، ولكن المذكور كرر الاتهام ؛ فرد عليه الشيخ أنه لم يفعل ، والخطبة مسجلة على اليوتيوب . ولكن صاحبنا أصر على تجريم الشيخ مما دفع الشيخ بعد إصرار المذكور على التجريم أن ينهي المكالمة وينذره بحساب الله . وهو ما فعلته مذيعة فلولية حين قطعت مداخلة ناشط سياسي أشار في مداخلته إلى جريمة حصار الشيخ الجليل في مسجد القائد إبراهيم لأكثر من ثلاثة عشر ساعة ؛ قائلة "لم أتحدث عن أمس إنني أتحدث عن اليوم". وحين ذكرها الناشط بحرق 28ثمانية وعشرين مقرا لحزبي "الحرية والعدالة" و"النور" ولم يُتهم أحد بعينه ردت : " لن أكمل معك الحديث".
إن الإعلام الضال المضل صور الاعتداء على المسجد وكأنه اشتباكات بين طرفين بينما كان الهجوم مخططا له.. وتم ضبط مخدرات مع أحد المهاجمين بعد القبض عليه.. كان الشيخ المحلاوي، يتناول في خطبة الجمعة قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا"، وانتهت الجمعة والصلاة ولم يحدث أي شيء، وعند بداية التعليقات إذا بجيش منظم له قيادات يقذفون المسجد بالطوب ويقتحمون المسجد فتصدى لهم المصلون ، ففرضوا حصارا همجيا بالطوب والمولوتوف ، ويقف الأمن موقفا سلبيا متواطئا ، وهو يعرف جيدا طبيعة المهاجمين من الشيوعيين ألأناركيين الدمويين المعادين للإسلام والإنسان ، مع أنه في حالات أخرى يتحرك على الفور !
لقد ظل الشيخ الجليل الذي حارب الطغاة منذ عهد الطاغية الأكبر جمال عبد الناصر وخلفه والمخلوع ، على كرسيه وهو المريض الذي قارب التسعين حتى قبيل الفجر ، يهدئ روع المحاصرين ، ويرد على هواتف المحبين ، والأنصار ، ويقنعهم أن يتريثوا في مواجهة الأمر أمام تخاذل الأمن وتركه للمجرمين يعربدون ويهتفون ويهددون ؛ فالشيخ حريص على ألا تسفح قطرة دم واحدة ، وهو يدرك أن الأشرار يريدون تعطيل الاستفتاء على الدستور !
كل ما صنعته الشرطة كان إقامة عازل بين المسجد والشباب القادم لحمايته ، والمهاجمون يصيحون ويهتفون ويخربون، ويقومون بإحراق السيارات الخاصة بالمصلين المحاصرين داخل المسجد ، وظل الحصار الآثم على المسجد التاريخي الذي لم تخف دلالته فمسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية يمثل ميدان التحرير فى القاهرة، بل يزيد عنه أنه مسجد وله قدسيته.
لقد رفض الشيخ الجليل الخروج وحده من المسجد، وأعلن تمسكه بالخروج مع جميع الموجودين في المسجد، قائلا: نحن أشفقنا على الداخلية أن تكون صورتها عند البلطجية بهذا الشكل المخزي. وقد أعلن الشيخ الجليل عن تحديه لهؤلاء المجرمين حين قال : سأخطب الجمعة القادمة وانتظر هؤلاء الذين حاصروني .. هل نربط ما حدث للشيخ الجليل بالمقتلة التي حدثت في الاتحادية للإخوان المسلمين وأثبت الطب الشرعي أن القتل كان من مسافة قريبة جدا من الضحايا وبرصاص من نوع واحد وكان في أماكن معينة متشابهة في الجسم ؟ ثم إن محاميا اسمه فرحات عبد الرازق - عضو لجنة السياسات بنقابة المحامين - تقدم ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيه جهاز الأمن الوطني ( أمن الدولة ) بالتورط فى الأحداث الدامية التي شهدها قصر الاتحادية ، حيث إن أحد ضباط هذا الجهاز ويدعى حسن عبد الفتاح قد استأجر ما يقرب من 2000 بلطجي وأمدهم بالمال والمولوتوف وقنابل الغاز المسيل للدموع، توجهوا بعدها إلى محيط قصر الاتحادية وكانت الأحداث الدامية ( المصريون 9/12/2012 ) .
ثم هل لهذا دلالة مع إعلان الصحفي عبد الله كمال المقرب من جمال مبارك أن أدمن صفحة ( آسفين يا ريس ) هو الصحفي مجدي الجلاد ، رئيس تحرير جريدة الوطن ومقدم برامج في قناة من قنوات الفلول ؟ هل ظهور ضباط أمن الدولة ، وتحرك إعلام الفلول من خلال صحفيين ومقدمي برامج وسياسيين موالين للنظام السابق يهيئ لمرحلة من الجريمة المنظمة لوقف استكمال بناء الدولة وعدم تطهيرها من الفاسدين ؟ هل يكون حرق مقرات الأحزاب الإسلامية وحصار الشيخ الجليل بداية لنفق مظلم لا آخر له . أتمنى ألا يحدث ذلك !