لو يا شهرزاد لن تفتح باب الشيطان هذه المرة!!
لو يا شهرزاد لن تفتح باب الشيطان هذه المرة!!
لم ننتظر أحدا هناك
فراس حج محمد /فلسطين
يقتات الموت كما اعتاد على لحومنا فيتخم من لحم الطفولة البريئة، ويتفكه بلحم العذارى اللواتي أعددن جمالهن لممارسة يوم طبيعي لفرح إنساني بسيط، يشرب من دماء الشهداء بأقداح العصور الحجرية، فينام وقد سكر على أنات من عانوا طويلا في مراجل الموت والتشرذم والتشرد.
لو يا شهرزاد طلب مشروع، ومن حق كل من جرت دماء العزة والإحساس في عروقه أن يتمناه ويطلبه، فكل تلك المقدرات التي نملك ما هي إلا صدى لخواء عزة من يملكونها، لأنهم لم يتملكوها لتصنع لنا حياة يتشكل فيها الهوى متناغما مع ورود الصباح، بل لتكون لنا هما جديدا، يتملكونها ليقضوا على كل من يرفع صوته لا للدكتاتورية والضعف والهوان، ولحماية من اغتصب الأرض والمقدسات، وقد صدق الشاعر نزار قباني عندما هجا العرب، وهو يودع بلقيس "لو أنهم من ربع قرن حرروا زيتونة أو أرجعوا ليمونة ومحو عن التاريخ عاره".
نصحو كل يوم يا شهرزاد والليل تمتد ساعاته لأبعد ما نتصور، لا تضيئه إلا قذائف الطائرات التي تتقن صنع الموت في بعض ثانية، نصحو كل يوم لنحصي عدد الشهداء ونعد قصائد الرثاء، ونروج لمناديل المصانع الورقية التي نحتاجها لنمسح دمعنا المسفوح دما على زهرات شباب قتلوا بلا أي ذنب سوى أنهم ينتمون إلى وطن الأرجوان والتين والزيتون، ويرفضون العيش بمهانة وذل.
تعبنا من الوجع يا شهرزاد، وتسربلنا بالقهر، لم نعد نعرف أن الزنابق مهفهفة تزين أكاليل الحناء إلا لتوضع على مزارات الشهداء، لم نعد نتقن ألحان الفرح إلا تعزية لمن تعالوا إلى ربهم شهداء كرامة وحق وواجب.
لقد شاءت الأقدار أن تكون أرضنا مصانع شموخ وكبرياء، فهي وطن الشمس ومهد الأنبياء ولن نخلف ظنها، ومن نحن حتى نخلف ظنها، إنها تجبلنا بترابها وتجعلنا نسائم مسافرة ومعانقة للأبدية، أبدية عشق مقدس في وطن الحكايات الخاصة عن طهر اللقاء المفتون بين حبيب وحبيبة في ظل أضواء قمر ليكونا نجمتيْ سبيل لكل من قصُرت به الرؤية وتاه ي ليل العجز العربي المقيت.
لم ننتظر أحدا،
فالمجد معنا دائما يسري يحدث قائلا:
إني رفيق للشموخ الحي في أرض الحياةْ
في حي الرمال مرافئ البحر المهيبِ
على الشطآن في غزةْ
لم ننتظر أحدا هناك،
لم ننتظر إلا زنابق روحنا مصنوعة من عطر ذاك الأرجوانْْ
لم ننتظر أحدا سوى دمنا المعانق كبرياء الروح
يُشْعَل في الفضاء كما قناديل السماء السرمدية في ابتهالات الضياءْ
بعين وردتنا
بأغنية المساء على متون من غناءْ.
لم ننتظرْ شعرا تباكي ساهماً يوماً
على الأطفال في غزةْ
شكلا من غباء صارخ يرمي الحجارة في الوجوه الكركمية.
لم ننتظر حبرا على ورق النبيذِ،
ولا كأسا من الخمر اللذيذِ،
ولا لحما من العجل الحنيذِ،
لم ننتظر إلاك ساقية الغمامْ
هطلت على وقع العناق مع الترابْ.
لم ننتظر هنالك طائراتٍ قاذفات ساحراتٍ قاهرات عابراتْ.
لم ننتظر إلا الطفولة في اشتياق النور تسبح في مجرات الحياةِ
لكي تقول:
إن الحياة بغزةَ الأحرار مع موت شهيّْ
أجمل من زهور في الحدائق ذابلاتٍ خائرات مهملاتْ!!