كلماتٌ في الإدارة، والقيادة بين يديِّ قادة المجالس في المناطق المُحَرَّرة
كلماتٌ في الإدارة،
والقيادة بين يديِّ قادة المجالس
في المناطق المُحَرَّرة
محمد عبد الرازق
يُعرِّفُ العلماءُ الإدارةَ بأنها: ( فنُّ التأثير في الآخرين على نحوٍ يجعلهم يتحرَّكون لتحقيق الأهداف التي يتبنَّاها القائدُ ).
و هذا التعريف كما يرى الدكتور غازي القصيبي يَصْدُقُ على شتى ميادين الحياة ( السياسية، و الإدارية، و الخدمية، و العسكرية، و حتى البدنية ). و يبقى التساؤل حول الصفات المطلوبِ توفرها في القائد حتى يمتلك سِحْرَ التأثير في الآخرين، الذين ينضوون تحت إمرته.
ـ هل يجبُ أن يكون القائدُ أذكى من أتباعه؟
ـ هل يجبُ أن يكون أقوى منهم؟
ـ هل يجبُ أن يكون أكثرَ إطلاعًا منهم؟
ـ هل يجبُ أن يكون أشدَّ انضباطًا منهم؟
بالطبع إنَّ الجواب المنتظر ليس سهلاً؛ إذْ يصعبُ الاتفاق على إجابة متفقٍ عليها بين الخبراء في فنِّ الإدارة، و القيادة على أيِّ منها هو المطلوب.
يرى ( هانس مور جنتاو: السياسي الأمريكي ) أنَّ القائد يستطيع التأثير في الآخرين على نحوٍ يجعلهم يلبُّون رغباته عن طريق ثلاث وسائل، لا رابع لها:
1ـ أن يُحبَّه الآخرون، أو يحترمونه؛ فيتصرَّفوا كما يريد بدافعٍ من هذا الحُبِّ، و الاحترام.
2ـ أن يتوقَّعوا منه المكافأةَ؛ فيتصرَّفوا كما يريد بدافع الرغبة، و الطمع في عطائه.
3ـ أن يخافوا من عقابه؛ فيتصرَّفوا كما يريد بدافع من هذا الخوف.
و عليه فإنَّ على القائد، و المسؤول ألاَّ يتبع نمطًا واحدًا من السلوك، لا يتغيَّر في كلِّ المواقف. بلْ إنَّ من واجبه، و من دواعي نجاحه أن يُلْبِسَ لكلِّ حالةٍ لباسَها.
فالحُبُّ، و الاحترام مع الذين يَروْنَ في هذين الأمرين جزاءً على ما يقدِّمون من الأفعال، و هؤلاء غالبًا ما يكونون من المؤمنين بالمبادئ، و القيم التي يدعو إليها هذا القائد، و عليهم المعتمد في إنجاح ما يريد.
و الترغيبُ يكون مع الذين يُجدي معهم أمرُ العطاء، و هؤلاء لا يُطمأنّ إلى جدية مواقفهم، و صدق مشاعرهم، و هم يذكروننا بالمؤلفة قلوبهم في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم يومَ فتح مكة، فلقد انكشف جيشُ المسلمين من جهتهم في أول اختبار جرى لهم في غزوة حُنَيْن.
و الترهيبُ يكون مع الذين تفشلُ معهم الوسيلتان الأخرييان، و هؤلاء ينبغي الحذر منهم أكثر من الفريقين الآخريين؛ لأن فيهم نزعة المشاكسة، و العِناد، و هم إلى الطرف الآخر أقربُ، و أَمْيَل؛ غيرَ أن تغيُّر المعطيات في الأرض جعلتهم ينحنون أمام العاصفة، و لا يُستبعَدُ منهم أيُّ تقلُّب في الولاء.
و يرى الدكتور القصيبي أنَّ على القائد أن يتذكَّر الأهدافَ الكُبرى، التي يسعى إلى تحقيقها، لافتًا نظره إلى أنه ليس الهدف أن يكون محبوبًا من مرؤوسيه، و لا أن يخافوه. و لكن أن يدفع بهم نحو تحقيق الغايات الرئيسة التي يريدها، و أُنشئت من أجلها الجهة يتولَّى قيادتها، و اختير هو ليكون أداة هؤلاء لتحقيقها.