خروف العيد

خروف العيد

جميل السلحوت

[email protected]

أجزم بأنه لولا أن العيدين-الفطر والأضحى-عيدان دينيان، ومثلهما الأعياد الدينية المسيحية-الميلاد والفصح- لما احتفل الفلسطينيون بعيد، وهم لا يحتفلون وانما يقتصر تعاملهم مع الأعياد على الشعائر الدينية، منذ أن وقعوا تحت احتلال أهلك البشر والشجر والحجر...وكلما زادت سنوات الاحتلال زادت معاناة الفلسطينيين، هذه المعاناة التي تتمثل في مصادرة الأرض للاستيطان، والحواجز العسكرية، وجدران التوسع الاحتلالي، وهدم البيوت، واقتلاع الأشجار وحرقها، والقتل والاعتقال ودوس كرامة الانسان...الخ من جرائم يندى لها جبين الانسانية.

وفي عيد الأضحى معروف أن المسلمين يتقربون الى الله بالأضاحي من الأنعام، وبما أن الغالبية العظمى من مسلمي فلسطين لا يملكون ثمن الأضاحي، فقد تعمد خطباء المساجد بأن يبينوا في خطب الجمعة أن الأضحية ليست فرضا ولا سنّة، وإنما هي مندوب لمن يستطيع، وهكذا ارتاح الفقراء المؤمنون لأن الله لن يحاسبهم لتركهم الأضحية مرغمين لا مختارين(لا يكلف الله نفسا إلّا وسعها) لكنهم وقعوا في ورطة أخرى مع أطفالهم، فالأطفال يفهمون العيد بأنه ملابس جديدة وألعاب ولحوم الأضاحي، وهم ببراءة طفولتهم لا يدركون قدرات آبائهم الاقتصادية، فتدب فيهم الغيرة من أقران لهم من أبناء الميسورين، فيعتقد بعض أطفال الفقراء بأن آباءهم لا يحبونهم، أو أنهم يبخلون عليهم، وهنا تكمن مأساة الآباء الذين يتألمون بصمت، ولا يستطيعون توضيح سوء حالهم لأطفالهم.

ومعروف أن البطالة متفشية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتصل الى أكثر من ربع المواطنين، في حين أن الحد الأدنى للأجور هو 1450 شاقلا، أي ما يعادل 375 دولارا، في حين أن ثمن أضحية صغيرة يصل الى ضعف هذا المبلغ، علما أن خط الفقر في اسرائيل -المرتبط اقتصاد الأراضي الفلسطينية بها- يصل الى 4300 شاقل، أي ثلاثة أضعاف دخل الأسرة الفلسطينية، وأن معدل عدد أفراد الأسرة الفلسطينية هو ستة أفراد.

أمّا أطفال وأسر الشهداء والمعتقلين وبقية الأيتام والأرامل والثكالى فلهم الله، وليس لهم أمّة يشارك قادتها في حصار شعبهم، ويمنعون المعونات المالية من الوصول الى السلطة الفلسطينية للضغط عليها تلبية لاشتراطات الادارة الأمريكية لمنع السلطة من المضي قدما في طلب عضوية الأمم المتحدة، ولاجبار السلطة على العودة الى المفاوضات العبثية مع استمرار الاستيطان وحسب شروط نتنياهو.

وهكذا فلا خوف على خراف الأضاحي في فلسطين هذا العام، وهذا خبر سعيد ومفرح لممثلة الاغراء بريجيت باردو التي ترى في أضاحي المسلمين مجزرة للحيوانات، ولن يحزنها وأمثالها أوضاع شعب ضحية للاحتلال.

ومع ذلك فلا يسعنا إلّا أن نتقدم لأمتينا العربية والاسلامية بالتهاني بهذا العيد، ونتمنى لهم نوما سعيدا لا يكدر مزاجهم، ونتمنى السلامة لسوريا وشعبها، ولن نذكرهم بالحديث الشريف"مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو  تداعى له سائر الجسد بالحمّى والسهر" وشكرا لوكالة الغوث الدولية وللمنظمات الانسانية التي تقدم الطحين لفئات واسعة من شعبنا كي تحميهم من المجاعة.