كيف واتتك يا قلب الجرأة؟؟

أوراق لم تسقط عمدا (20)

كيف واتتك يا قلب الجرأة؟؟

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

كيف واتتك يا قلب الجرأة وقلت لها ما قلت؟ لعلك تسرعت في نشر أسرار قلبك المفتون بعقلها وبفكرها وبسحر أنوثتها، ولعلها حطمتك بقوتها الناعمة، التي لم تبق ولم تذر، يا ليتك كنت متأنيا أيها القلب!! ليتك اتخذت الصمت سلاحا وهيبة وجلالا!! ليتك لم تشكل على صفحات الأمس بوحك بأنك تحبها، لعلك تشعر بخسارتها، وببعدها عنك أكثر، يا ليتك لم تفعل يا ليتك لم تفعل!! ما أعجلك!! وما أفدح نتائج عملك!!

تتأمل الآن وحيدا ما جرى بينكما، وتراه محمولا على وتر الأماني القابعات في حدود اللازمان واللامكان، لا شيء ينفعك أيها القلب، لقد أسرفت وتجاوزت ما أوحت به النجوم لحبيبها البدر يوما، عندما نصحته مخلصة، إياك أن تبدو قبل أوانك، فإنك إن فعلت لم يلتفت إليك الآخرون!! يبدو أنك أيها الحب قد جئت في غير زمانك ومكانك، فعد حيث التخفي والتستر وامتقع بما فاض من أحزانك، لا تلفت وراءك أيها المثقل بالأعباء، احرس نجمتك البعيدة الغافية على أهداب الخيال في قلب وسع المحبة الخالصة وكان وفيا لكل حرف ونبض جرى خمرا في عروق الدقائق والها ومتشوقاً.

نبض على نبض تناغم عاقلا

                وسرى بعمق الاشتياق غرامُ

ما نفع نبض القلب إن لم يجد من يرحمه ومن يرد توجعه وتألمه، ما نفع حرف تبتل في مشكاة حبيبة، أقلقتْها حروفك واشتياقك، فاعتلاها الحزن مجبولا بسهر الليالي، وهي ربما تفكر بجنونك العاتي، فلو كنت رحيما لرحمتها من ذلك التلظي على شبح الفكرة السابحة في دهاليز المجهول!! ليتك كنت عاقلا أيها القلب!! ليتك كنت حصيفا، ليتك وليتك، وهل تنفعك الآن ليتُ، لقد خرج الكلام، وتشتت السر، وأضحى معلقا بعيون الساهرين!!

لعلك لم تندم على شيء ندمك على ما اقترفت دقاتك المسكونة بالحنين، لقد فلتت منك، وجرت بكل لهفة لتعانق قلبها ومساءاتها الراقصة بالمنى، لقد تفلتت منك اللغة ولم تشاورك، لقد سرقتك من ذاتك، فلم تسيطر على أي شيء، فساح الليلك وانتفض الليل واهتزت أعصاب الشجر، واشتعل المساء، وغرق الكل في الدهشة، ولم يعد أحد قادر على الكلام.

أحرقتَ الدفاتر أيها القلب، واستعرت ألواح المطلق لتكتب ما شئت، ولم يدر بخلدك أن المطلق راحل وجبان، لا عطف لديه ولا حنان، ليس معنيا بغير التجريد، يبرق لك حينا ويغيب، لقد بحتَ لها بسرك، ولم تبح هي لك بشيء، رضيت منك ما قلت، وربما تجاريك وتتعامل معك طفلا محتاجا للرعاية، لا تريد أن تكسر لك أملا، تجاري سذاجتك وبساطتك، لا تريد أن تجرحك، فقط لا غير، لعلها لم تحبك كما أنت تحبها، ولعلها قنعت بأن البعد يكفيك لظى، فلا فرق إن أحببتَها أو لا، فلا وصال ولا قرب ولا مناجاة، ولا لغة شافية شفافة تشفي أوجاع الهوى المكبوت!! لكل ذلك ليتك لم تبح لها بسرك أيها المجنون! ليتك.