وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
بسم الله الرحمن الرحيم
( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )
[ الذاريات :55]
د.عدنان علي رضا النحوي
سبق لي أن كتبت عدة رسائل حول نهج مدرسة لقاء المؤمنين وبناء الجيل المؤمن ، وكتبت حول ذلك في عدد من الكتب التي أَصدرتها ، ولكن يبدو أنه مازال هنالك بعض الغموض لدى بعض الإخوة والأبناء ، أو النسيان .
إن هذا النهج هو نهج حياة لكلّ مسلم عامل يطلب الدار الآخرة والجنة ويريد أن يدعو إلى الله ورسوله ويبلغ رسالته إلى الناس كافة كما أنزلت على محمد r .
إنه نهج بعيد كل البعد عن أي تصوّر حزبي أو عمل سرّي . إنه جليّ واضح ، متكامل متناسق ، تترابط كل أجزائه ترابطاً يوفّر تماسكه وتكامله وتناسقه ، بحيث لا يُسْتَغنى فيه عن جزء منه ، فالاستغناء عن جزء منه يهدم النهج كله ويذهب بأهدافه وفوائده المرجوّة .
إنه يحمل تكاليف جادّة ، نابعة كلها من أربعة مصادر رئيسة هي : أسس الإيمان والتوحيد ، المنهاج الرباني ، مدرسة النبوة الخاتمة ، وعي الواقع من خلال منهاج الله .
أساس ذلك كله وقاعدته الصلبة هو صفاء الإيمان والتوحيد ، الإيمان بالله الذي لا شريك له إيماناً يجعل : الولاء الأول لله وحده ، والعهد الأول مع الله وحده ، والحب الأكبر هو لله ورسوله ، كما جاءت الآيات البيّنات على ذلك ، والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة .
ومن هذا الولاء الأول تنشأ الموالاة بين جميع المؤمنين ليكونوا أُمة واحدة ، ومن هذا العهد الأول ينشأ كل عهد بين المؤمنين في الحياة الدنيا ، ومن هذا الحب الأكبر ينشأ الحب بين المؤمنين حبّاً صافياً لا يختلط بهوى ولا شرك ولا كبر ولا تباغض ، ولا سوى ذلك مما قد يفرّق صف المؤمنين الذي أمر الله به . من هذا الولاء والعهد والحب يختفي كل كبر وهوى ، وتخضع النفوس كلها لنهج واحد ربّاني متكامل . فالالتزام الكامل كما هو موضح في النهج وفي رسالتين بعنوان : الالتزام في الدعوة الإسلامية ، والالتزام في مدرسة لقاء المؤمنين وبناء الجيل المؤمن ، نرجو دراستهما دراسة جادة مع إعادة الدراسة بين حين وآخر للتذكير . وهنالك ثلاث مقالات بعنوان مع نهج مدرسة لقاء المؤمنين وبناء الجيل المؤمن ، أرجو دراستها دراسة جادة والعودة إليها بين حين وآخر . وأذكر كذلك بوجوب دراسة كتب المدرسة وفق خطة ونهج ليكون النهج كله خطة عمر وحياة ، قائماً على صفاء الإيمان وعلى دراسة المنهاج الرباني ووعي الواقع من خلال منهاج الله .
والذي نذكر به أيضاً ونشدّد عليه لأهميته في ميزان الإسلام وميزان الإيمان والتوحيد وميزان الكتاب والسنة وحاجة الواقع النقاط التالية :
1. أن يكون كل أخ في المدرسة على عهد وميثاق مع الله سبحانه وتعالى كما هو مقرر في نهج المدرسة وكتبها وقبل ذلك في منهاج الله .
2. أن تكون القضية الأولى هي صفاء الإيمان وصدق التوحيد ليكون الولاء الأول لله سبحانه وتعالى ، والعهد الأول مع الله سبحانه وتعالى ، والحب الأكبر هو لله ورسوله ، ومن ذلك تنشأ كل مولاة وكل عهد وكل حب في الدنيا بين المؤمنين .
3. يجب على كل أخ أن يتقن دراسة نهج المدرسة من مصادره دراسة جادة مع إعادة الدراسة ومراجعتها ، حتى يتثبّت كل أخ من أنه أتقن وَعْىَ النهج وفَهْمَه .
4. أن يقرّر هو بنفسه ، بعد أن أتقن دراسة النهج ، أنه آمن بهذا النهج وأنه نابع من مصادره الأربعة : أسس الإيمان والتوحيد ، المنهاج الرباني ، مدرسة النبوّة الخاتمة ، وعي الواقع من خلال منهاج الله .
5. إذا وعى الأخ النهج واطمأن إلى صدق وعيه ، وإذا آمن به وارتبط به بعهد وميثاق كما ذكر أعلاه ، فإنه يلتزم تطبيق النهج بتكامله وترابطه وتناسقه لا ينقص منه شيئاً .
6. إذا صدق علمه وصدق إيمانه وصدق التزامه فلينطلق إلى تبليغ رسالة الله إلى الناس كافة تبليغاً منهجيّاً ، وتعهدهم عليها تعهداً منهجيّاً ، وفاء لعهده الذي أعطاه ، ليكون التبليغ والتعهد المنهجيان من خلال نهج مدرسة لقاء المؤمنين وبناء الجيل المؤمن ، النهج الذي وضع لهذه الغاية . ليسهل التبليغ والتعهد والالتزام في واقعنا اليوم وفي كل حين .
نذكّر أنفسنا بهذه القضايا الرئيسة ، لنلتزمها على طريق ممتدّ إلى الدار الآخرة ، إلى موقف الحساب بين يدي الله ، آملين النجاة إِن شاء الله وبلوغ الجنة ورضا الله ورحمته .
( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ) [ الأنبياء :47]
الوالد