لم تولد المعارضة البارحة
لم تولد المعارضة البارحة
عقاب يحيى
أقرأ من البعض توصيفات على القد عن المعارضة" التاريخية"، أو التقليدية.. احد الأصحاب يريد أن يبرر مواقفه فيقول : لم تكن هناك معارضة، بل مجرد زمر صغيرة..لا حول لها ولا قوة، وأن المعارضة الحقيقية ولدت بعد الثورة...؟؟؟...
ـ هذا تجن على الحقيقة، وعلى تضحيات ونضالات آلاف مؤلفة من المناضلين الذين جابهوا عصابة الطاغية الأب
على مدار العقود . بعضهم قدّم عمره، وبعضهم زهرة شبابه، وأغلى سنوات الحياة.. وبعضهم طورد وهجّر وحوصر وحورب بلقمة العيش.. بينما كثير كان يلفق وينافق . يبربر ويبرر ويستفيد..
ـ صحيح أن الأمور بنتائجها، وأن المعارضة لم تستطع تحقيق أهدافها، وليس السبب فيها فقط.. بل في طغيان سياسة التصفية، والإقصاء، والحرب الشاملة. في نجاح الطاغية بتلغيم وتشويه المجتمع السوري وإخضاعه بالتخويف والرهاب والاستهلاك.. وكثير كثير مما يمكن الحديث عنه طويلاً، وأعرف أن التاريخ لا يعترف بالمنهزكين، وأن الأقوياء والمنتصرين هم من يسجلون صفحاته.. وأن أزمات المعارضة المتعاقبة، المتداخلة، وقد كتبت فيها مقالات عديدات، تولد أزمات وتفريخات في غياب الرافعة التي لم تكن موجودة، وأنه مع وجود هذه الرافعة : الثورة.. لم تكن مواقف المعارضة واحدة . هناك من التحق وانخرط بها من اليوم الأول، وهناك من راح يجري ويلهث كي يلحق بوتائرها السريعة فما قدر، وهناك من نصّب نفسه وصياً، واباً، ومعلما يعطي الدروس والنصائح.. وهناك وهناك..
ـ لكنه ظلم كبير أن نتصور أن هذه الثورة هبطت فجأة، وأنها مقطوعة الجذور عن نضالات شعبنا المختلفة عبر العقود، وأنها معادية لتلك الأجيال التي قاومت فجور الطغمة بكل ما تقدر، ودفعت أثماناً غالية، وغالية جداً.. بينما كان كثير يتنعم في أحضان أو هوامش النظام، والبعض ظل حتى البارحة في مركبه..
ـ أكيد أن حضن الثورة كبير يتسع لجميع ابناء الوطن، وأنها ترحب بكل من ينضم إليها ويلتحق بها، وأنها ىغفورة، متسامحة مع الذين لم يلوثوا أيديهم بدماء الشعب، ولم ينهبوا ماله العام.. لكن هل يستوي الذي دفع عمره مع الذي جمع الثروات وعاش في مقاعد النظام إو على أرصفته الكثيرة ؟؟..
ـ وهل يمكن ـ بجرة قلم ـ ان ننسف تاريخ البلد والناس لأننا كنا في موقع آخر ؟؟...