المعلم
أ.د/
جابر قميحةلا يستطيع واحد منا – أيا كانت مكانته ورتبته – أن ينكر فضل معلمه عليه فى أية مرحلة من مراحل التعليم . فليس منا إلا من جلس فى فصل من صغره يتلقى عن معلمه ما ينمى عقله ، ويشحذ فكره ، ويسمو بروحه ، ويرسي فى أعماقه محاسن الإخلاق .
وطبيعة الرسالة التى يؤديها المعلم يصورها أحد المفكرين الحكماء بقوله ( إذا كان لكل واحد منا فى يده خمس أصابح ، فإن للمعلم فى يده اليمنى ست أصابع ، والإصبع السادسة هى أصبع الطباشير يضيء المعلم ببياضها سواد السبورة ، ويهتك بها ظلام العقول ) .
ورسالة المعلم لها وجهان كوجهي العملة الواحدة لايمكن الفصل بينهما : الوجه الأول هو الوجه التعليمى التثقيفى . أما الوجه الثانى فهو الوجه التربوي الذى يهتم بإرساء القيم الخلقية والنفسية والروحية فى نفوس التلاميذ .
والمعلم الناجح هو الذى يخلص لهذه الرسالة بمفهومها الشامل ، ويحرص على خلق التوازن السوي بين هذه الجوانب المختلفة حتى تؤتى هذه الرسالة ثمارها المرجوة المنشودة .
وكان الشاعر على حق حين خاطب المعلم قائلا :
قرأت كتاب الكون سطرا تلا سطرا
معلم : عد فاكتبه أجمل مايقرا اصابعك استولت على العقل فازدهى
تباشره نثرا ، فتتركه شعرا وتلقيت الدنيا ، وقد علقت علي :
فم لك قال السحر او ابطت السحرا
وكلنا يحفظ البيت المشهور لاحمد شوقى :
قم للمعلم وفه التجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
فلا عجب إذن أن نجد تلاميذ السيد المسيح وحوارييه ينادونه دائما ب(المعلم ) وهل رسالة الرسل جمعيا إلا توجيه وإرشاد وتربية وتعليم ؟
وكل هذه الاقوال – وغيرها كثير :
تبرز عظمة المعلم وسمو رسالته – من جانب ، كما تشير – من جانب اخر – فى إجمال - الى واجب المعلم فى أعناقنا وحقوقه علينا جميعا .
فواجب التلاميذ نحوه يتلخص فى الطاعة والإمتثال والاستجابة والحرص على الافادة والصادقة من شرحه وتوجيهاته . وكذلك صدق الشعور نحوه بالمحبة والوفاء والاعتراف بالفضل والجميل وعلى الأباء واولياء الامور أن يغرسوا هذه المعاني والقيم والمشاعر فى نفوس ابنائهم نحو معلميهم . كما عليهم أن يعاونوا المعلمين فى أداء مهمتهم بمتابعة أبنائهم فى اداء مايكلفون به من دروس وواجبات منزلية ، وذلك انطلاقا من بدهيه واضحة عليهم أن يؤمنوا بها ايمانا راسخا وهى : أن البيت والمدرسة والمجتمع العام حلقات ثلاثة متواصلة متلاحمة متكاملة . وكلها تلتقى فى هدف واحد وهو تخريج المواطن الصالح الذى ينفع دينه ووطنه وأمته بل الإنسانية جمعاء .