الإعلام في خذلان أهل الشام
الإعلام في خذلان أهل الشام
د. أحمد بن راشد بن سعيد
بعد قرن من الزمان سيكتب مؤرخ: وفي سنة 1433 من الهجرة أفتى علماء ذلك العصر بجواز إجهاض الحوامل من انتهاك الأعراض ولم يفتوا بالجهاد لتحريرهن!
وسيقول المؤرخ في فصل عنوانه: مجازر النصيريين في الشام: اختلف علماء في ذلك العصر حول الإجهاض، لكنهم أفتوا بجوازه مادام الجنين في طور 40 يوماً
- وسيقول المؤرخ: ولم يدع كثير من علماء ذلك الزمان إلى الجهاد لنصرة أهل الشام، لأن الجهاد ارتبط حينها بالحرابة التي كانوا يسمونها الإرهاب.
وسيضيف المؤرخ: ومن العجب أن أئمة ذلك العصر مكثوا زمناً لا يذكرون مصيبة الشام ولا يدعون لأهلها، فقد حسبها بعضهم فتنة، وبعضهم انتظر إذن السلطان ويقول المؤرخ: وكان المسلمون يرون القتل عياناً، ويرون الباطنيين يفعلون الأفاعيل بالأطفال والنساء، فلا لأعراضهم يغضبون، ولا لإخوتهم ينتصرون
ويضيف المؤرخ في كتابه الإعلام بخذلان المسلمين لأهل الشام: ولا تنتهي عجائب ذلك الزمان، فإن أهل سوريا تفرقوا في الأمصار، وتقطعت بهم السبل و اشتدت وطأة النصيريين عليهم، وعاونهم أولياء منتسبون زوراً إلى أهل البيت في سفك دماء المسلمين، فعظم الخطب، واشتد الكرب
ويضيف المؤلف: ومن علماء ذلك العصر من أفتى بنصرة الشام بالمال دون الرجال، بينما كان أهل الباطل يتداعون إلى الشام كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها
ويضيف المؤلف: والحق أن سلاطين ذلك العصر لم يفعلوا شيئاً سوى الكلام، بل إنهم أوفدوا إلى السفاح غرابين مشؤومين أحدهما اسمه الدابي والآخر عنان
يقول المؤرخ: ولكن الله أنزل السكينة في قلوب المؤمنين وشرح صدور المرابطين وقذف الرعب في قلوب الكافرين من مغول بني أسد فردهم على أعقابهم خاسرين
ويضيف: ومن آيات الله في تلك الحقبة أن أهل سوريا ولّوا وجوههم إلى الله واستغاثوا به، ومن ذلك قولهم: يا الله ما لنا غيرك يا الله
ويقول المؤرخ: واشتهر عن أهل الشام وقتها قولهم: “لبيك..لبيك..لبيك يا الله”وقد تأملت ذلك، فشعرت كأنما دعاهم الله فلبوا نداءه بالخروج على الظلم
ويضيف المؤلف: وأشد ما آلمني هو تهافت السلاطين والولاة على امرأة من الروم يقال لها: هيلاري، تعطيهم من طرف لسانها حلاوة، وتخدرهم بمعسول الكلام
ويضيف: سميت ثورة أهل الشام بالكاشفة، وسماها بعضهم بالفاضحة، لما كشفت من بواطن، وما فضحت من عمائم، وما أسقطت من أصنام وما أبانت من زيف.
ويقول المؤلف: كان الولاة ضعفاء ويعتذرون بقلة حيلتهم وهوانهم على الروم، لكن شيعة السفاح أقوياء على ماهم عليه من باطل، ولا تأخذهم لومة لائم
ويضيف المؤلف: لا حول ولا قوة إلا بالله..وإنا لله وإنا لله راجعون..ورضي الله عن عمر إذ قال: أشكو إلى الله جلد الفاجر وعجز الثقة
وأخيراً قال المؤلف: و قد انشغل بعض المسلمين في ذلك الزمان باستضافة قينات بني الأصفر، يغنين ويرقصن ويتنقلن بين الحواضر و يسببن المسلمين و الدين بينما طاغية الشام يفسد في الأرض و يهتك الأعراض و يسفك الدماء في كل الشام.