مرسي لا يملك الفانوس السحري
مرسي لا يملك الفانوس السحري
جميل السلحوت
أدّى الدكتور محمد مرسي رئيس مصر المنتخب اليمين الدستوري أمام المحكمة الدستورية، وسيمارس صلاحياته كرئيس لمصر منذ يوم غد، الأول من تموز، وبهذا سيكون مرسي أول رئيس مصري مدني منتخب، وأول رئيس عربي يحصل على أقل من 52% من أصوات الناخبين، في انتخابات ديموقراطية نزيهة، ولم تكن النتيجة التي اعتدنا عليها في بلاد العربان وهي 99.99% تلك الانتخابات التي جعلت من شعوبنا أضحوكة بين الأمم، لعمليات التزييف الفاضح التي كانت تصاحبها.
ويبني كثيرون آمالا كبيرة على هذا الرئيس رغم كل العقبات والمؤامرات الداخلية والاقليمية والدولية التي تنتظره، لكنه هو الأقوى لالتفاف الجماهير حوله...فالرجل يصل الى كرسي الرئاسة بصلاحيات حددها له المجلس العسكري سلفا، وقد تجعل منه الرئيس الأقل صلاحية في العالم كله، ويصل كرسي الرئاسة في بلد جعل منه النظام البائد"خرابة" كما نقل هيكل عن أحد المقربين من الرئيس المخلوع حسني مبارك، فقد نهب رجالات النظام السابق اقتصاد البلد ودمروه، وأصبحت مصر من أكثر الدول مديونية في العالم، وتخريب النظام السابق لمصر لم يقتصر على الاقتصاد فقط بل تعداها الى التعليم والصحة ومختلف جوانب الحياة، كما سلب الأمن الداخلي للبلد، وهمّش الدور الريادي والطليعي لمصر عربيا وافريقيا ودوليا، وجعل منها تابعا في السياسة الدولية.
وبالتأكيد فان الرئيس الجديد المنتخب سيواجه صعوبات كبيرة للنهوض بالبلد، ولإعادة مصر الى دورها التاريخي الذي يليق بها، ولدى مصر من الكفاءات العلمية التي تستطيع البناء إذا ما أتيحت لها الفرصة، واذا ما استطاعت حكومة مرسي الجديدة وضع الخطط العلمية اللازمة والقابلة للتحقيق على أرض الواقع، فان نهوض بلد عظيم كمصر سيكون أمرا حتميا، وهذا يحتاج الى اطلاق الحريات بمختلف أشكالها، وفي مقدمتها حرية تشكيل الأحزاب، وحرية الصحافة، وحرية المعتقد، والحريات الشخصية بما يتلاءم وثقافة البلد، واذا ما أتقنت فن إدارة الصراعات الداخلية والخارجية، فالعلاقات بين الدول تقوم على المصالح، وليس على العنتريات والشعارات، فإن الشعوب العربية جميعها ستلتف حول قيادته، كون مصر حاضنة العروبة ورافعتها، وهذا ما نتمناه للرئيس الجديد ولشعب مصر العظيم ولأمّ الدنيا مصر قلعة العروبة، مع علمن المسبق أن الرئيس الجديد لا يملك الفانوس السحري لحلّ جميع المشاكل، لكننا على ثقة بأنه سيعمل قدر الامكانيات المتاحة له.