من خزانة الأدب

من خزانة الأدب

د. محمد عقل

[email protected]

بقرتَ شُويهتي وفجعتَ قلبي

يحكى أن أعرابية وجدت ذئبًا صغيرًا(جرو ذئب) وقد ولد للتو.. فحنّت عليه وأخذته وربته.. وكانت تطعمه من حليب شاةٍ عندها... وكانت الشاة كالأم لذلك الذئب. وبعد مرور الوقت كبر الذئب الصغير.. وعادت الأعرابية يومًا إلى بيتها فوجدت أن الذئب قد بقر بطن الشاة وأكلها، فحزنت على صنيع الذئب اللئيم الذي عرف طبعه بالفطرة..وأنشدت:

بقرتَ شُويهتي وفَجعتَ قلبي*** وأنت لشاتنا ولدٌ ربيبُ

غذيتَ بدرّها وربيتَ فينا *** فمن أنباك أن أباك ذيبُ

إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ*** فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ

بيدي لا بيد عمرو

يقوله الرجل يُنزلُ بنفسه المكروه، مخافة أن يُنزله به العدو.

والمثل للزبّاء واسمها نائلة، وكانت من أجمل النساء وأكملهن، وسُميت الزباء لطول شعرها.

كان جذيمة الأبرش ملكًا على الحيرة، وكانت الزباء ملكة على تدمر. وفي صراع بينهما على توسيع مملكته على حساب الآخر قتلت الزباء جذيمة، فثار ابن أخته عمرو بن عدي، وقرر أن يثأر لخاله، ووضع خطة تعتمد على المؤامرة والدهاء لاختراق مقر الزباء من الداخل ليتسلل هو ورجاله ويقتلوها. وبعد تفاصيل كثيرة تمكن عمرو من أن يدخل رجاله القصر على ظهور الجمال في غرائر سوداء مدججين بأسلحتهم؛ وكانت الزباء قد أعدت لنفسها نفقًا للهرب منه ساعة الخطر، فلما رأت الهلاك محدقًا بها أسرعت للنفق لتهم بعبوره، ولكنها فوجئت بعمرو يقف لها عند باب النفق؛ فأدركت أن الموت آت بلا محالة، ولم ترض لنفسها أن تقع في الأسر ليفعل بها عمرو ما يريد قبل قتلها؛ وكان بيدها خاتم ملأته بالسم لمثل هذا اليوم؛ فوضعته على فمها ومصت السم، وهي تقول(بيدي لا بيد عمرو) فصارت مثلاً، وماتت هي من فورها، واستولى عمرو على ملكها.

شنشنة أعرفها من أخزم

مثل يُضرب لكل من يرتكب أفعالاً سيئة في العقوق والأذى ونكران الجميل.

قال ابن الكلبي: إن الشعر لأبي أخزم الطائي وهو جد أبي حاتم أو جد جده وكان له ابن يُقالُ له أخزم، وقيل: كان عاقًا فمات وترك بنين فوثبوا يومًا على جدهم أبي أخزم فأدموه، فقال:

إنّ بنيّ ضرّجوني بالدم*** شنشنة أعرفها من أخزم

ويُروى: زملوني. وهو مثل ضرّجوني في المعنى: أي لطّخوني يعني أن هؤلاء أشبهوا أباهم في العقوق.

والشنشنة: الطبيعة والعادة.