لماذا قد تطول الثورة السورية ..
عِدَةً من أيام وشهور وسنوات أُخَرَ ؟؟؟!!!
د. موفق مصطفى السباعي
إبتداءً لا أريد بهذه المقالة أن أدخل إلى النفوس اليأس .. ولا أن أغرس في القلوب الإحباط .. ولا أثبط من الهمم .. ولا أفُتَ في العزائم .. ولا أشيع التشاؤم !!!
وإنما أريد أن أضع الإصبع ، على الجروح النازفة ، في هذه الثورة المباركة .. لعلنا جميعاً نجد الطبيب المداويَ .. فيضمد هذه الجراح .. ويوقف نزيف الدم !!!
منذ أن انطلقت الثورة قبل أربع سنوات إلا قليل .. بشكل عفوي ..وإلهام رباني .. ظن الناس بعد أن رأوها وقد اتسعت .. وانتشرت في معظم المحافظات .. وازداد زخمها .. واشتد أوارها .. وتأجج لهيبها .. وارتفعت معنويات الثائرين إلى الذروة .. غير عابئين بالتضحيات الغالية ، التي كانوا يقدمونها يومياً .. من قوافل الشهداء ، على درب الحرية !!!
ظنوا أنها أيام أو شهور معدودة .. ويتحقق الحلم بالحرية .. والإستقلال .. خاصة وأن بعض زعماء العالم أخذوا يتظاهرون بتأييدهم للثورة .. ويطلقون البيانات النارية .. بوجوب رحيل الطاغية .. كما فعلوا مع الثورات العربية الأخرى !!!
وتطاولت الأيام .. وامتدت الشهور .. وتعاقبت السنوات .. وربما تصبح عقوداً !!!
وإذا بالثوار يكتشفون زيف .. وكذب زعماء العالم .. الذين زعموا أنهم أصدقاؤهم !!!
ومع هذا أصروا على مواصلة الثورة .. وصمموا على تقديم التضحيات الغالية !!!
وهذه منقبة .. وميزة عظيمة للثوار .. سيكتبها التاريخ بمداد الدم .. والذهب !!!
إلا أن في هذه الثورة دَخَنٌ .. وعثراتٌ .. وهفواتٌ .. تعرقل .. وتؤخر انتصارها !!!
وهي :
عثراتٌ داخلية .. وأخرى خارجية !!!
العثرات الداخلية :
1- تشتت الجماعات المقاتلة .. وتفرقها .. وتناحرها مع بعضها البعض .. وعدم وجود قيادة واحدة .. تتبنى تخطيطاً واحداً .. ورؤية واضحة المعالم .. وذات مراحل محددة !!!
2- تصدع الكيان السياسي للثورة .. وتمزقه ..واختلاف أفراده .. وتبادل الإتهامات بينهم !!!
3- نشوء جماعات مقاتلة .. هدفها الكسب المادي .. وبسط نفوذها على الناس في المناطق التي تسيطر عليها .. والتحكم في مصيرها بنفس طريقة الأسد !!!
4- المسارعة إلى السب والشتم بأقذع الكلمات .. وأشنعها لكل من لا يتوافق مع هواه !!!
5- المسارعة إلى الإتهام بالخيانة .. والعمالة لكل من لا يتوافق مع مزاجه .. وتفكيره .. بل لمجرد التقاط شائعة عن إنسان ما .. وبدون التدقيق والتمحيص في فحواها .. وفي مصدرها .. يبدأ بالهجوم الكاسح عليه .. وقد يصل بالأمر إلى إخراجه من دينه !!!
6- إنعدام التآلف .. والتوادد .. والتراحم .. والتعاون بين السوريين – إلا ما ندر – وخروج الأغنياء منهم .. بأموالهم .. وسياراتهم إلى البلدان المضيفة .. لمتابعة استثماراتهم .. علماً بأنه كان بإمكانهم إعطاءها للمحتاجين من أصدقائهم .. وأقربائهم .. أو للثوار لإستخدامها في عملياتهم ..وشراء سيارات أخرى – وخاصة في بلدان الخليج – بالمبالغ التي دفعوها على شحنها .. ورسوم إدخالها !!
7- فقدان القائد المحنك .. الداهية الذي يملك صفات قيادية .. تمكنه من جمع شمل كل المجموعات العسكرية ، والسياسية .. تحت إمرته .. وانقيادها لتوجيهاته .. وطاعتها لتعليماته !!!
8- فقدان الرجال الذين يجمعون بين صفات الإخلاص .. والتجرد .. والتضحية .. وبين صفات القدرة على الإدارة .. والعلم والمعرفة بالإختصاص الذي يديرونه !!!
فالواقع الميداني ..المأساوي .. يظهر وجود أشخاص قد يملكون الصفات الأولى .. ولا يملكون الصفات الثانية .. فيتخبطون في الإدارة خبط عشواء !!!
وقد يوجد أشخاص يملكون الصفات الثانية .. ويُحرمون من الصفات الأولى .. فيستغلون مناصبهم .. ويُفسدون .. ويضلون .. ويسرقون قوت الناس .. ويثرون على آلام الناس وأوجاعهم !!!
9- لا يزال عدد غير قليل من المشاركين في الثورة .. يجهلون حقيقة الحرب الدائرة على أرض سورية .. فيوجهون سهامهم بالنقد اللاذع .. والإتهام الباطل إلى المجموعات الجهادية .. التي تضحي بأرواحها .. وأموالها .. وأعراضها في سبيل الذود عن حياض الوطن .. وتحرير الإنسان السوري من الطاغوت .. ويرددون كالببغاوات ما ينشره الإعلام الصليبي .. المجوسي .. الشيعي .. الأسدي الحاقد عنهم .. ويتجاهلون طبيعة العدو الحقيقي .. الذي هو إيران ..ومن ورائه كل جنود إبليس .. من الإنس والجن .. ويجهلون أن هدفه الأساسي هو: تمجيس المسلمين بإسم التشيع .. أو إخراجهم من دينهم .. وجعلهم لا مسلمين ولا شيعة .. أو ذبح من يرفض هذا أو ذاك .. لتحقيق الخرافة .. بالتعجيل بظهور مهديهم الدجال من المجاري .. وأنفاق النفايات !!!
العثرات الخارجية :
هي واحدة تشمل كل قوى الأرض التي تخاف .. وترتجف .. وترتعد فرائصها من حرية المسلمين وليس - كما يطبل المطبلون الجهلة .. الحمقى – من حرية الشعوب !!!
فهم ليس لديهم مشكلة مع حرية الشعوب غير المسلمة .. لأنها مثلهم في الفكر والعقيدة !!!
وقد سبق أن أيدوا .. ودعموا الثورة في إيران ضد الشاه .. الذي كان حبيبهم الأول .. والمدافع الأول عن ربيبتهم إسرائيل .. فتخلوا عنه .. وتبنوا الخميني .. وأطلقوا يده في أن يصرح بما يشاء بإسم الإسلام .. لإعادة إنتاج صورة إبن سبأ .. في حلة جديدة .. ليخدع ذراري المسلمين الغوثائيين .. وليسب ويشتم غدوا وعشياً .. بالغرب وإسرائيل !!!
وأيدوا حرية الشعوب الأوربية الشرقية .. وساعدوها في التخلص من الطواغيت الشيوعيين .. مثل تشاوسيسكو وسواه !!!
هم يعلمون أن ما يحدث في سورية .. ليست ثورة شعبية .. وإنما هي ثورة إسلامية .. تقودها مجموعات جهادية بأسماء متنوعة !!!
ولذلك هم لا يريدون لها أن تنتصر .. لأنها تهدد وجودهم .. ومصالحهم .. وتغري شعوباً مسلمة أخرى بالثورة !!!
ولكن هذه العثرات الخارجية – على ضخامتها .. وقوتها .. وشدة بأسها – لا قيمة لها البتة .. إذا زالت العثرات الداخلية .. وأصبح المجاهدون .. والمقاتلون كلهم في جبهة واحدة !!!
لأنه حينئذ فقط .. سيتحقق الوعد الإلهي :
إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا غافر آية 51
يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ محمد آية 7