دلالة تجاهل الإعلام العربي لمذبحة يوم أمس في مصر
دلالة تجاهل الإعلام العربي
لمذبحة يوم أمس في مصر
محمد شركي
مرت مذبحة يوم أمس في مصر على يد قوات الجيش والشرطة ضد الرافضين للانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية ، والتي بلغ ضحاياها 20 قتيلا وعشرات الجرحى دون اهتمام من وسائل الإعلام خصوصا العربية منها . فإذا قورنت مذبحة شالي إيبدو بمذبحة مصر يوم أمس كانت مثلها بل كان ضحاياها أكثر عددا من ضحايا شالي ، ومع ذلك مرت المذبحة في صمت أمام عيون الإعلام خصوصا العربي دون أن تذكر ، وكأن الضحايا الذين قتلوا فيها مجرد بهائم . والسكوت عن ضحايا العنف الأعمى سواء كان عنف المتطرفين أو عنف الأنظمة المستبدة كما هو الشأن في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا يدل على أن الدم العربي صار أرخص دم في العالم ، ولا يستحق حتى مجرد الذكر إعلاميا. والمتصفح للمواقع العنكبوتية يلاحظ أن تلك التي لا تغادر حدثا إلا وفصلت فيه تفصيلا كما هو الشأن بالنسبة لموقع هسبريس المغربي ذي الهوى العلماني فلم يتناول ذكر المذبحة إطلاقا ، كما أن المتتبع نشرة ميدي 1 سات يعجب من طريقة سرد خبر المذبحة التي سبقته أخبار عدة في العالم قبل أن يخصص له حيز زمني ضيق جدا مع تجاهل المظاهرات التي عمت مصر والإشارة إلى أنها كانت لبضع عشرات فقط . وأما الجزيرة التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها فقد اكتفت بلقطات عابرة ولم تجرؤ على ذكر الانقلاب بل نعتت زعيم الانقلاب بالرئيس وانقلابه بالنظام . ودلالة تجاهل الإعلام العربي لمذبحة مصر يوم أمس هي أن هذا الإعلام لا يعرف معنى الاستقلالية، بل هو إعلام يأتمر بأوامر الأنظمة ،ولا يخرج عن حدود تخطها له . ومعلوم أن الإعلام إذا فقد استقلاليته فقد مصداقيته تماما كما هو الشأن بالنسبة للقضاء . ولا يمكن للمنابر الإعلامية العربية التي تجاهلت ما حدث يوم أمس في مصر أن تدعي النزاهة والصدقية والحرفية ومواكبة الأحداث بموضوعية وحيادية . ولقد كان من المفروض أن تنقل وسائل الإعلام أنباء ما حدث في مصر دون أن يطلب منها تأييد الضحايا أو الوقوف إلى جانب المتظاهرين ، بل كان المطلوب منها أن تنقل ما تنقله العدسات الجماد فقط وتترك التعليق والحكم للجماهير العربية . إن الإعلام الحر والنزيه والمستقل والموضوعي لا يخضع لمساومة الأنظمة مهما كانت الظروف ، ولا يميل معها حيث تميل لأنها تميل وفق مصالح بينما الإعلام رهين باحترام المبادىء ، وعلى رأسها مبدأ نقل الحقيقة بأمانة وموضوعية وحيادية . وأخيرا نقول إن ما يحدث في الساحة العربية من أحداث جسام قد كشف النقاب عن موات المشاعر القومية والدينية ، ولم يعد الجسم العربي يتداعى بالسهر والحمى إذا ما اشتكى منه عضو . ولقد صارت الحسابات المصلحية السياسية فوق كل اعتبار في الوطن العربي ، وصار الإعلام مجرد كلب صيد يتلقى أوامره من قناصه.