حكاية المنديل الأبيض
فكرة تدوين التاريخ الاجتماعي الشعبي
بكل ما فيه من مساوئ ومحاسن
عرس أيام زمان..!
"حكاية المنديل الأبيض"
صالح خريسات
جرت العادة، في المجتمع الشعبي الأردني، أن يدخل الرجل بزوجته، ليلة زفافها إليه، وان يشعر أهله وأصحابه بذلك.
وقد وجدنا الناس، كانوا يقفون خلف الباب، منتظرين فروغ الرجل من مهمته، فلا يبارحون المكان حتى يفتح الباب، و يطل عليهم الرجل بالمنديل الأبيض، الذي يثبت عذرية العروس .
فإذا تأخر الرجل بعض الوقت، دبت الفوضى في صفوف الرجال، و تجد الواحد منهم، يضرب الكف بالكف، و يتحسر قائلاً.. يا حسرتي عالزلم! .. الزلم ماتت ! .. أويلاه !.. شو يقولوا الناس عنا ؟! فيرد عليه الرجل الآخر: شوه يقولوا.. فضيحة وعليها شهود، .. .
ويقول آخر:.. وشوه بعده بساوي جوا؟!.. ويتدخل رجل ثالث فيقول : .. الصبر مليح يا جماعة الخير !.. خلي الزلمه يعرف يشوف شغله .
ويخشى خال العريس عواقب الفشل، ويبتعد بوجهه عن نظرات الناس إليه، وكأنه هو المسئول عن خيبة ابن أخته، وبعد وقت كاف، يقدره الرجال لمثل هذه المهمة، يشق خال العريس طريقه بخطوات واثقة نحو الباب، كأنه يملك الحل، فيطرق الباب طرقات خفيفة، وينتظر الجواب ..
ويخيم السكوت على الناس، فترة قصيرة، لعل العريس يستجيب لتدخل خاله، في هذا الموقف الصعب، ثم يعاود الرجل طرق الباب مرة أخرى، و لكن بقوة أكثر، فإذا لم يتلق جواباً من العريس، فإنه بعلن سخطه وغضبه، و يرفع صوته متهما هذا الجيل من الشباب، بالفشل، والخيبة، وعدم الفحولة، و يشاركه الرجال الذين لا يترددون في الاندفاع نحو الباب بحرارة، وهم يصرخون : .. بالله يا زلمة ! خلصنا،.. عاد هيه سيرة ؟!
أما والد العريس، فغالباً ما يكون جالساً في صدر البيت، وقد أنهكه التعب، وأثقلته مصاريف العرس، وواجبات الضيافة. بينما يكون الرجال من أقاربه، وأقارب زوجته، حوله، بعضهم وقوفا،ً و بعضهم يجلس متحفزاً، ليذهب بين الحين والأخر إلى غرفة العريس، عله يعود بالخبر.
ولا يملك والد العريس، في مثل هذا الظرف الصعب، إلا الصبر، وحث الرجال على الهدوء، ريثما تنجلي الأمور عن خبر بثلج صدورهم، بانتهاء المهمة، التي يقوم بها العريس.
يقول والد العريس مخاطباً الرجال : بدها شوية صبر، هذا ابني و أنا عارفه، الزلمة طويل روح، وعلى اقل من مهله . فيرد خال العريس بنزق وعصبية بالغة: يقطع مهله،.. هوه مش عارف مصيبتنا ؟! طويل روح قال ؟! ويرد احد الحضور معلقاً : .. أنا عارف ليش بصلتك محروقة، انته خايف ليقولوا ثلثين الولد لخاله ، فيرد خال العريس : .. إلا بهاي ! عليك جيرة،.. عندي سبع ولاد، وست بنات، والحبل على الجرار .
فيعود والد العريس لتهدئة الأمور، ويطلب من زوجته أن تقدم الشاي للجميع، ويقول:.. هاتونا طاروق شاي،.. خلي الزلم تهدأ.