السر وراء السخرية من رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام
السر وراء السخرية
من رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام
محمد شركي
السخر ـ بفتح السين والخاء أو بضمهما أو بضم السين وتسكين الخاءـ والمسخر أيضا هو الهزء ـ بفتح الهاء وضمها وتسكين الزاي أو بضمهما ـ والمهزأة أيضا.وهو الضحك بغرض الاستخفاف والاحتقار . وقد ورد ذكر السخر والهزء في كتاب الله عز وجل في عدة سور هي :
ـ الزمر الآية 56: ((أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ))
ـ المؤمنون الآية 110 : (( فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون))
ـ البقرة الآية 212 : (( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين آمنوا فوقهم يوم القيامة ))
ـ الحجرات الآية 11 : (( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ))
ـ هود الآية 38 : ((ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنانسخر منكم كما تسخرون ))
ـ الأنعام الآية 10 : ((ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به ستهزءون))
ـ التوبة الآية 79 : (( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهمفيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم ))
الرعد الآية 32 : (( ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم اخذتهم فكيف كان عقاب ))
ـ الأنبياء الآية 36 : (( وإذا رأاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزؤا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمان هم كافرون ))
ـ الأنبياء الآية 41 : (( ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا بهيستهزءون ))
ـ النساء الآية 140 : (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ))
ـ البقرة الآية 14 : (( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحنمستهزءون ))
ـ الحجر الآية 95 : (( إنا كفيناك المستهزئين ))
ـ الفرقان الآية 41 : (( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزؤا أهذا الذي بعث الله رسولا ))
ـ لقمان الآية 6 : (( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليظل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزؤاأولئك لهم عذاب مهين ))
ـ الكهف الآية 106 : (( ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا ))
ـ الجاثية الآية 9 : (( وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزؤا أولئك لهم عذاب مهين))
ـ الجاثية الآية 35 : (( ذلك بأنكم اتخذتم آيات الله هزؤا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ))
ـ المائدة الآيتان 57 و 58 : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا ولعبا من الذين أتوا الكتاب والكفر أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزؤا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون )).
عندما نتأمل السياقات التي ورد فيه ذكر السخرية والاستهزاء في كتاب الله عز وجل نلاحظ ما يلي :
1 ـ يعطي الله عز وجل معنى واحدا للسخرية والاستهزاء والضحك في سورة الأنعام والأنبياء والمؤمنون .
2 ـ الذين يسخر منهم هم أنبياء الله صلواته وسلامه عليهم ، وآياته ،والآذان والمؤمنون . ومن الأنبياء الذين سخر منهم نوح عليه السلام عندما كان يصنع الفلك ، ومحمد صلى الله عليه وسلم عندما كان يبلغ القرآن الكريم. ومن المؤمنين الذين سخر منهم الفقراء المنفقون حسب ما يطيقون.
3 ـ الساخرون هم إما كفار أو مشركون أو منافقون أو أهل الكتاب أو شياطين.
4 ـ رد نوح عليه السلام على الساخرين بالمثل .
5 ـ يسخر الله عز وجل من الساخرين عقابا لهم كما يمكر بالماكرين وهو خير الماكرين وخير الساخرين .
6 ـ الله عز وجل يملي للساخرين ، الشيء الذي يغريهم بالتمادي في السخرية والاستهزاء.
7 ـ السخرية تحيق أو تنزل بالساخرين وهو جزاء من نفس جنس الجرم .
8 ـ الله عز وجل يكفي من استهزىء به .
9 ـ لا يستعتب المستهزءون ولا يقبل منهم عذر .
10 ـ الاغترار بالحياة الدنيا وزينتها هو دافع المستهزئين للسخرية .
11 ـ وصف الله عز وجل الساخرين بأنهم جاهلون لا يعقلون .
12 ـ الساخرون لهم شياطين يحركونهم .
13 ـ الساخرون تهجر مجالسهم ما داموا يسخرون وإلا كان من يجالسهم شريكا لهم في سخريتهم .
14 ـ لا ولاء مع الساخرين أهل كتاب كانوا أم كافرين .
15 ـ الساخرون دون من يسخرون منهم مكانة وقدرا .
وبقي أن نقول بأن الرسم الكاريكاتوري هو شكل من أشكال الضحك والسخرية والاستهزاء يقصد به الاستخفاف والاحتقار من خلال اختلاق عيوب في الأشكال التي خلق الله عز وجل عليها الخلق ، فهو من جهة تجاسر على الخالق فيما خلق عن طريق إدخال العيوب والنقائص في خلقه ، وهو سبحانه الذي أتقن كل شيء ولا يعاب من خلقه شيء ، وهو من جهة أخرى اعتداء على كرامة البشر وقد كرمه الله عز وجل وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا . وعند التأمل نلاحظ أن السخرية مهما كان شكلها إنما تعكس شعور الساخر بالدونية والنقص أمام من يسخر منه حيث يلتمس هذا الساخر تعويض ما يفتقر إليه مما يملكه غيره عن طريق السخرية .
وأخيرا لا بد من الإشارة إلى أن العلمانيين الذين يسخرون من الإسلام وأهله ورموزه كاريكاتوريا أو بأشكال أخرى من السخرية يعانون من النقص و داء الغرور والاستكبار والاستعلاء ، ويعتقدون في أنفسهم الذكاء أكثر من غيرهم ، ويعتقدون أن تصورهم للحياة باعتبارها غاية ونهاية في نظرهم هو التصور الأمثل والصحيح والعلمي ، وأن الذين يعتبرون هذه الحياة مرحلة عابرة نحو حياة أخرى مغفلون وجاهلون ، ومتخلفون . ولا يخطر ببال هؤلاء العلمانيين أنهم هم الجاهلون والمغفلون الذين قصر إدراكهم عندما اقتصر على اعتبار الحياة الدنيا غاية ونهاية . وإذا ما ظن العلمانيون غرورا أنهم فوق الذين آمنوا فقد فاتهم أن نتيجة التفاضل المعتبرة إنما هي في نهاية المطاف لا في بدايته مصدقا لقوله تعالى : (( زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين آمنوا فوقهم يوم القيامة )) صدق الله العظيم ويا خسارة العلمانيين ومن والاهم في سخريتهم أو قعد مهم أو سار معهم وهم يسخرون من سيد الخلق ومن رحمة مهداة للعالمين ، ويا لغباء من يسخر من أغلى هدية أهديت للعالمين من رب العالمين.