شاعران من بني سليم
شعراء الصحابة
شاعران من بني سليم
1- سلمة السلمي
2- أصيد بن سلمة السلمي
أحمد الجدع
وبنو سليم إحدى قبائل العرب الشهيرة ، كان منهم في الجاهلية فرسان معروفون ، ذاعت شهرتهم ، وهابهم فرسان العرب ، ولعل الشاعرة العربية المعروفة بالخنساء قد أشهرت قبيلتها فهي معروفة في كتب الأدب بأنها شاعرة بني سليم .
وقد أقبل بنو سليم على الإسلام ، حتى كانوا ألف فارس في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم المتقدم لفتح مكة .
وسليم هو : سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان .
ولم يتزوج سليم سوى امرأة واحدة أنجبت له ولداً واحداً أسماه بهثة ، ومنه جاء نسل سليم كلها .
وفي كتب السيرة النبوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل سرية (يبدو أنها كانت موجهة إلى بلاد بني سليم) فأسرت رجلاً منهم يدعى أصيد بن سلمة .
ولم تذكر كتب السيرة أو التواريخ اسم هذه السرية واسم قائدها ، ولكنها ذكرت أن هذه السرية أسرت رجلاً من بني سليم اسمه أصيد بن سلمة ، وأن هذا الرجل كان شاعراً .
وعندما عرض هذا الأسير على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ له ، ودعاه إلى الإسلام فأسلم ، وعندما بلغ أباه إسلامه ، وكان الأب أيضاً شاعراً ، كتب إلى ابنه يلومه على أن أسلم ، فكتب إليه قصيدة في ثمانية أبيات يقول له :
من راكب نحو المدينة سالماً |
|
حتى يبلَغ ما أقول الأصيدا |
والواضح من هذه الأبيات أن الرجل قد أسنّ ، وكان في حاجة إلى أن يكون ابنه قريباً منه ، ومن الواضح أيضاً أن الرجل ، شأنه شأن من طعن في السنّ وهو على دين آبائه يرى هذا الدين حقاً وإلا لما دان به من قومه "الشمّ العلا" .
ويبدو أيضاً أن الرجل كان يثق بابنه ، يثق بعقله ورشده ، فطلب منه أن يكتب إليه عن هذا الدين الذي دان به لعله أن يهتدي ويدين بما دان .
وفي الأبيات حديث عن بر الوالدين ، وهو من أدبيات الإسلام التي حث عليها ، وأغلظ لمن عقّ والديه ، ولعل الرجل علم بهذا الحق الذي جعله الإسلام للآباء على الأبناء ، أو لعل ذلك كان معروفاً في الجاهلية فطالب به .
وعندما وردت هذه الأبيات على أصيد الابن عرضها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستأذنه أن يجيب أباه ، فأذن له ، فكتب إليه :
إنَ الذي سمك السماء بقدرةٍ |
|
حتى علا في مكة وتوحَدا |
بين فيها لأبيه أن الله بعث محمداً بدين الهدى ، وأثنى على الرسول ودعوته ودعا أباه لأن يسرع إلى الإسلام ، ويترك ما كان عليه آباؤه "من الضلالة والردى" .
ومن الواضح لنا في سياق كلام الأب أنه واثق بحكمة ابنه وعقله ، فما إن وردت رسالته إليه حتى تعجل فاقبل على رسول الله وأسلم .
هنا ظاهرة أحب أن ألفت إليها وهي أن العرب كانوا يتراسلون بالشعر وذلك لتمكن هذا الشعر في نفوسهم ، وقدرتهم على نظمه ، وقد حفلت كتب الأدب القديمة بمثل هذه المراسلات ، ولعلي أعود إلى هذه الظاهرة فأدرسها وأبرزها جلية للدارسين والقارئين .