البشرية في احتضار!
حسن قاطرجي
...عنوانٌ ليس إثارةً إعلامية وإنما هو إحدى أخطر حقائق العصر فقد أفلست الحضارة الغربية إفلاساً كاملاً في إدارة دفّة العالم، وما النزاعات الدولية المهدِّدة بتدمير الحجر والبشر، والحروب المستعِرّة في عدد من الدول، وتصاعد نِسَب جرائم القتل والاغتصاب والانتحار وتعاطي المُخدِّرات بمعدّلات مخيفة، وفَلَتان جنون الجنس والترويج للحُبّ المثلي والشذوذ: إلا شواهد على هذه الحقيقة التي نطق بها أحد أبناء هذه الحضارة العارفين المتعمّقين بأحوالها الفيلسوف والمفكر الفرنسي (روجييه دو باسكييه) في قوله: «لا بد أن المادية الغربية الجامحة إنِ استمرّت أنْ تنتهي إلى تدمير الإنسان». فالحقيقة المرّة هي أن البشرية في حالة احتضار مع آلام قاسية يُعاني منها إنسانُها بسبب إفلاسِ الحضارة التي تقودها: إفلاسِها بمعيار الوجهة الصحيحة في علاقة الإنسان بخالقه وفَهْم مقصِد وجوده وفي علاقته بالكون وعلاقته بأخيه الإنسان وكذلك بمعيار الأخلاق والقِيَم.. مهما كان تقدُّمها المذهل في عالم التكنولوجيا والاتصالات والاكتشافات والعبقرية الإدارية!
وبالرجوع إلى تقرير الأمم المتحدة الذي صدر أواخر عام 2013 المنشور على موقع (CNN - بالعربية) وتقرير مكتب المخدِّرات والجرائم التابع للأمم المتحدة وإلى التقرير العالمي عام 2013 عن ظروف السجون في العالم وتصدُّر الولايات المتحدة أعلى نسبة سُجَناء، وإلى حقائق ارتفاع معدَّلات الاغتصاب في سجونها، والأرقام المذهلة المخيفة عن عدد القتلى والجرحى والمعوَّقين خلال قرن كامل ابتداءً من الحرب العالمية الأولى قبل 100 عام تماماً ونتائجها المدمّرة، مروراً بالحرب العالمية الثانية وقُنبُلَتَيْ «هوروشيما ونكازاكي» النوويّتَيْن وجريمة الغرب الكبرى في فلسطين وتهجير شعبها، إلى أن نصل إلى واقع امتداد الحروب والنزاعات داخل العديد من الدول خاصة الدول التي يفتك في شعوبها طغاةٌ مجرمون فقط لأنها طالبت بحريتها كما هو حال عدد من الدول العربية!
لقد عادت البشرية إلى همجيتها ووحشيتها وخُلوّها من القيم يوم ابتعدت عن هَدْي السماء كما عبَّر الصحابي الدقيق ، الخطيب المفوَّه العميق ، سيدنا جعفر بن أبي طالب ، عندما قال في موقف من أروع مواقف التاريخ والمكاشفة الصريحة: «كنا قوماً أهلَ جاهلية نعبد الأصنام – وما أكثرَها في عصرنا ولكنّ المشكلة أن الناس لا يتبادر إلى أذهانهم إلا الأصنام المحسوسة العينية! – ونأكل المَيْتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونُسيءُ الجِوار، ويأكل القويُّ منا الضعيف – تأمَلوا حال الدول القوية الغنية والدول الفقيرة في القرن الواحد والعشرين – فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً..» صلى الله وسلّم على نبيّنا المبعوث رحمة للعالمين.
نداءٌ صادق يجب أن نُعلنه، وخبرٌ من أصدق الأخبار وأوثقِها وأشدِّها تأثيراً على مستقبل المسلمين ومستقبل البشرية، وهو: أن رسالة نبيّنا – صلى الله عليه وسلم – هي التي ستردّ للمسلمين وللبشرية قاطبة الحياة الحقيقية، الطيبة، الهانئة، الآمنة، من جديد.. كما قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْييكم)، وكما وَعَدَ عزّ وجل: (مَنْ عَمِل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلَنُحْيِيَنَّه حياةً طيبة)، ولكنْ لن يُعطي العالَم سَمْعَه لهذا النداء إلا عندما يتقدم المسلمون الصالحون من عرب أو أجانب بوعي وهِمّة، وتميُّز في الخُلق يرفع الإنسان، وصلة بالله تُنقذ الروح من الشقاء، والتزام حقيقي صادق بمنهج النبوّة، وإتقان في الأعمال والاختصاصات...
فهل نعي مسؤولياتنا؟