تطهير الشام

م. بلال حرب

إذا كنا نحن نؤمن قطعا أن نزول عيسى عليه السلام سيكون عند المنارة البيضاء في دمشق، وإذا كانت بلاد الشام هي أرض المحشر يوم القيامة، وهي التي لم يرد في فضلها من الأحاديث النبوية بعد مكة والمدينة كما ورد في الشام، وهي التي جعلها الله مباركة في صلاح أهلها وخيراتها. فهل يعقل أن تبقى محكومة بنظام الرعب وظلمة المخابرات وبطواغيت نزعوا عنها بركتها، وحولهم علماء باعوا دينهم بدنيا غيرهم، عبر فتاوى معلبة جاءت على مقاييس ساداتهم، فأكسبتهم مزيدا من البقاء في المناصب. فهل يعقل بعد هذا كله ألا يجعل الله لشعبهم من ذلك مخرجا؟! هذا يتنافى مع سنة الله الكونية في التغيير.

 فبلاد الشام التي عرفت خلافة بني أمية لا بد لها أن تزيل من سيلها زبدا رابيا جثا على صدرها أربعين سنة، حتى تستقبل رياح التغيير بما تحمله من نسائم الحرية وطور الانعتاق.

لقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الامام العادل أول الأصناف الذين يستظلون بظل الرحمن، بل ان الراعي الذي يموت وهو غاش لرعيته لا يدخله الله الجنة، أم أن بعض علماء الشام تغافلوا عن هذه النصوص، كما تغافلوا عن نصوص حرمة دم المسلم، حينما وقعوا فرحين وأبدانهم هاجعة على مجزرة حماة، مستندين في ذلك على أنه خروج على ولي الأمر، فحق له أن يقنص هذه الفئة الضالة "فئة حماة"... ألا بئس هذا التأويل الذي ينم عن زيغ في القلوب .. " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.." مثل هؤلاء كملأ فرعون الذين قالوا لسيدهم :" أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك .."

إن من يساند الظلم ولو بشهيقه وزفيره هو شريك لهم، وإبادة شعب باسم أمن الوطن لا يسمى في مصطلح الأعراف الدولية إلا بالطغيان، ومحاورته الآن مسألة عبثية تزيده صلفا وجرما، وستجعل زبانيته يحكمون قبضتهم على شعب أراد أن يقول "ربي الله"...

إن انتصار الثورة في تطهير الشام من أرجاسها وأنجاسها هو هدم لآخر معقل صمّ آذاننا طيلة عقود مضت بأنه من دول المواجهة، وتبين لاحقا أن دول المواجهة هي أكثر الدول التي أراحت أعداء الأمة من قمع أبنائها عن طريق فاتورة الدماء التي أغرقت الأرض بها...