الحرب والاعلام
الحرب والاعلام
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
إن وسائل الاعلام الحديثة ومعرفة استخدامها في الظرف والمكان وتحديد اتجاهه للهدف مباشرة يحسم المعركة قبل حدوثها والمعركة تكون تحصيل حاصل لاغير .
لنقارن مقارنة بسيطة , بين الاعلام الحكومي العربي في الدول الشمولية والتي كانت تسمى الثورية , قبل الربيع العربي وبعد الربيع العربي , في أن إعلامها لم يواكب التطور الاعلامي الحديث , وبقي على نفس النمط منذ أكثر من نصف قرن , وأصبح إعلامهم اسطوانة موسيقية مزعجة على نفس النمط , حتى وصل الأمر لدرجة إن كنت تريد أن تسمع خبراً عن قريتك تبحث عنه في قنوات العالم المختلفة , ومن النادر أن تجده في إعلام القرية .
فلو أخذنا الجانب الاعلامي فقط والخاص بالمجازر التي ارتكبت في بابا عمرو , وكيف استطاع أبطالها الاعلاميون استغلال الظواهر والوقائع التي كانت تجري على الأرض , وتوجيهها للضمير الانساني , فهي العلامة الفارقة والتي جعلت ادعاءات الاعلام السوري لاترقى لأذني ومسامعي أي عاقل أو مجنون , إن كلام المجوسي الجعفري في الأمم المتحدة اليوم كان مملاً وطويلاً ومثيراً للسخرية والاشمئزاز من قبل الحاضرين والسامعين, بتركيز الكمرة للحظات قليلة على وجوه بعض الحاضرين , فأبطالنا الاعلاميين في حمص أوصلوا الحقائق لعقول الجميع , وجعلوها قناعة تامة عندهم , فأي رأي مضاد بعدها لايمكنه إزاحة تلك الحقيقة .
إن معركة بابا عمرو وصمود أهلها أمام الاجرام المنقطع النظير , ومع النشاط الاعلامي تحت القصف , وإخراج الصحفيين منها لخارج الوطن بسلام , ودفن الصحفيين الأجانب, والترحم عليهم ودفنهم بطريقة معبرة تهتز لها المشاعر الانسانية وكأن الذي يقوم بعملية الدفن هو أحد الأقارب , يعبر فيها عن احترام الموت واحترام الدفن , وغياب المذهبية في ذلك والتعصب المذهبي , لهو مشهد حقيقي يستحق أغلى جوائز العالم في هدف الثوار الانساني والتعامل مع المشاعر الانسانية الحقيقية , فلم يبرعوا أبطالنا في الحرب أو السلم فقط ,وإنما أبرعوا في كل شيء , وحتى في المشاعر الانسانية المعبرة والتي يهتز لها كل شعور انساني , والذي لايمتلك حاكم سوريا ومن معه ذرة منها .
إن هذه الثورة المبار كة أوجدت طاقات كامنة عند شاباتها وشبانها لم تكن لتظهر بدون هذه الثورة المباركة , ولولا قيامها لكانت اندفنت مع الزمن كما دفنت طاقات الشعب السوري من قبل , وكل مانرجوه من الله تعالى انتصار هذه الثورة المباركة في أقرب وقت , وإيجاد سلطة حاكمة توفر الفرص والامكانيات لانطلاق عبقرية الانسان السوري في دولة يسودها العدل والأمان والحرية .