الداعية العالمي الشيخ ذاكر نايك في ندوة السيِّد

الداعية العالمي الشيخ ذاكر نايك في ندوة السيِّد

أيمن بن أحمد ذو الغنى

عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

استضافت ندوة السيِّد الثقافيَّة بالرياض الداعية العالمي الشهير

الشيخ (ذاكر بن عبد الكريم نايك)

وذلك في مساء الخميس 15 ربيع الآخر 1433هـ

(8/ 3/ 2012م)

كلمة التقديم للمشرف على الندوة

الأستاذ أيمن بن أحمد ذو الغنى:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه..

وبعد: فيطيبُ لي أيها الجمعُ الكريم أن أرحِّبَ بكم في ندوتنا الثقافيَّة، وأن أحييَكم بخير تحيَّة؛ فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إن من توفيق الله تعالى لعباده أن يجعلَهُم مفاتيحَ للخير، وأن يُجريَ الهدايةَ على أيديهم... وفي الحديث عن رسول الله r؛ قال مخاطبًا ختَنَه (صهره) عليَّ بن أبي طالب t: ((لأن يهديَ الله بكَ رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم)). [متفقٌ عليه من حديث سهل بن سعد].

فما بالكُم بمن اهتدى به رجالٌ لا رجل، وخلقٌ كثير من البشر؟!

ومحاضرنا اليوم من هؤلاء الذين وفقهم الله لهداية الضالِّين، وللأخذ بأيدي الشاردين، إلى الصراط القويم، دين الله الحقِّ الإسلام العظيم.

وإن من خصائص نبينا r التي امتاز بها من سائر الرسل أنه بُعث إلى الناس كافَّةً عربيِّهم وأعجميِّهم، بل إلى الثقلين جميعًا الإنس والجانِّ.

وقيَّض الله برحمته ومَنِّه لهذه الأمَّة من يقتفي أثرَ الحبيب المصطفى r؛ التزامًا بشرعه، وتأسِّيًا بهديه، وتمسُّكًا بسنَّته، ودعوة إلى الكتاب المنير الذي أُرسل لتبليغه، ومجادلةً لأهل الكتاب بالتي هي أحسن، وإقامةً للحُجَّة على أهل الدِّيانات الأخرى بشواهد العقل والنقل.

ولعل من أشهر الدعاة إلى الله في عصرنا هذا ممن عُرف بمناظراته الشهيرة للقساوسة وأحبار النصارى، وإفحامهم بالنقاش، وبيان تناقضات كتبهم المحرَّفة.. الداعيةَ الشيخ أحمد ديدات عليه رحماتُ الله تعالى.

ولئن توفيَ الشيخُ ورحل عن دنيانا إن الله أنعم على خلقه بأن هيَّأ من يحمل الراية بعده، ويتابع السيرَ على خُطاه، ذلكم هو الداعيةُ العالميُّ الشهير الشيخ ذاكر نايك، الذي نشرُف به ضيفًا كريمًا في ندوتنا الليلة، فمرحبًا به وأهلاً.    

واسمحوا لي أيها الحضور أن أشكرَ باسمكم جزيلَ الشكر عميدَ هذه الندوة الأخَ الفاضل أبا عبد الله الأستاذ محمد بن سعيد السيِّد لإتاحته اللقاء بضيفنا ومحاضرنا الكريم، وللاجتماع بنخبة كريمة من الدعاة وأهل العلم والفكر..

أما الموضوع الذي سيتناوله محاضرنا فهو بعنوان: (أهمُّ الشُّبهات التي تَعرضُ لغير المسلمين،

والردُّ والبيانُ المناسبان لها)، وقبل أن أنقلَ الكلام له.. لا بدَّ من إيراد نُبذةٍ يسيرة من سيرته.

سيرة المحاضر

هو: ذاكرُ بنُ عبد الكريم نايك: داعيةٌ وخطيبٌ هنديُّ الأصل، من أهل السنَّة والجماعة.

ولد سنة خمسٍ وستين وتسعمئةٍ وألف، وتخصَّص في الطبِّ البشريِّ حائزًا على (بكالوريوس) في الجراحة من جامعة مومباي.

 ثم تفرَّغ منذ عام ثلاثة وتسعين وتسعمئة وألف للنشاط الدعويِّ، وهو مدير (مؤسسة البحث الإسلاميَّة) في الهند (IRF) (Islamic Research Foundation).

آتاه الله بصيرةً في النقاش والجدال بأسلوبٍ حسن حكيم، ومهارةً وبراعةً في المُحاجَّة والإقناع، وموهبةً متميزةً في الحفظ واستحضار المحفوظ...

فقد وفقه الله لحفظ كتابه القرآن الكريم عن ظهر قلب، واستحضار آياته في محاضراته بأرقامها، مع حفظ الأناجيل وكثير من كتب النصارى واليهود والبوذيين والهندوس بعدَّة لغات، وهو يقتبس منها النصوصَ بألفاظها بسهولة في مناظراته.

اشتَهر الشيخ بمناظراته لعلماء اللاهوت ورجالات الأديان الأخرى، ومن أشهرها مناظراته للقَس الأميركي (وليام كامبل) في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأميركية عام ألفين ميلادي، بعنوان: (The Qur’an and the Bible in the light of Science) (القرآن والإنجيل في ضوء العلم).

وألقى عددًا كبيرًا جدًّا من المحاضرات في دول غربية وشرقية وعربية.

ووفقه المولى الكريم بأن أسلم على يديه خلقٌ كثير في مناقشاته المباشرة، وعن طريق أشرطته المسموعة والمرئية.

أثنى عليه وعلى جهوده في ميادين الدعوة غيرُ قليل من العلماء والمفكِّرين، ومن أشهرهم أستاذُه الداعية الكبير الشيخ أحمد ديدات رحمه الله، وقد قال له: «ما فعلتَه يا بنيَّ في أربع سنين استغرقَ مني أربعين سنةً لتحقيقه».

وله عدد من الكتب باللغة الإنكليزية منها:

Non-Muslim Common Questions About Islam

The Concept of God in Major Religions

The Qur'an & Modern Science Compatible or incompatible

صور من المحاضرة

أيمن بن أحمد ذو الغنى يقدِّم المحاضرة

               

الردُّ على بعض الشبهات التي تُثار حول المسلمين

أنس محمد خير يوسف

في لقاء ماتع مع فضيلة الداعية والمنظِّر الإسلاميِّ الشيخ ذاكر بن عبد الكريم نايك (Zakir Abdul Karim Naik )([1]) في ندوة السيِّد الثقافيَّة التي تُقام في دارة رجل الأعمال الأستاذ محمد بن سعيد السيِّد جزاه الله خيرًا، ويشرف عليها الأخ الزميل الأستاذ أيمن بن أحمد ذو الغنى.. عرضَ فضيلته مجموعةً من الشبهات التي تُثار حول المسلمين في معظم أنحاء العالم، وقد أفاد أنه ألَّف كتابًا باللغة الإنكليزية يحوي (20) شبهةً هي أهمُّ الشُّبَه التي يُدندن حولها الغرب ليلاً ونهارًا، وقد أورد في الكتاب الردودَ المناسبة عليها والمفنِّدة لها.

وأفاد بأنّ الكتاب في قيد الترجمة إلى اللغة العربية، وسيصدر عن دار السيِّد بالمملكة العربية السعودية، علمًا أنه قد تُرجِمَ إلى لغات أخرى متعدِّدة...

وقد اكتفى في لقائه هذا بالحديث عن خمسٍ من هذه الشُّبه مع الردِّ عليها؛ وهي:

1) الجهاد:

إن الجهاد في أعلى قائمة الأسئلة التي تَرِدُ من غير المسلمين مستشكلين معناه وغاياته؛ ويمكننا الردُّ على هؤلاء بأن كلمة الجهاد تعني في اللغة العربية: بذل الجهد في أي أمر من الأمور، والمقصود به في الشرع: أن يجاهدَ المرء نفسه بتربيتها على الفضائل، وأن يبذلَ طاقته ليكونَ المجتمع أفضل وأصلح. والجهاد هو أيضًا: السعيُ للتخلُّص من الظلم، وتحصيل الحقوق، والدفاع عن النفس والعِرض والأرض والمال.

ولكن المستشرقين يقصرون معنى كلمة (الجهاد) في ترجماتهم على: الحرب المقدَّسة، وهذا خطأ منهم في الترجمة. والغاية من الجهاد القتالي إنما هو نشر العدل بدل الظلم، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد.

2) المسلمون أصوليُّون ومتشدِّدون:

يذكر الغرب دوماً أن المسلمين أصوليُّون ومتشدِّدون؛ والأصولية - كما هو معلوم – هي العودة إلى الأصول والرسوخ في العلم؛ أي اتِّباع الأسس. وإذا أردنا أن نعودَ إلى أصول هذا المصطلح فإننا سنجد أنَّ الأصوليَّة هي حركة نصرانيَّة الأصل كانت في الولايات المتَّحدة الأمريكية؛ وقد صِيغَت لتصفَ النصارى البروتستانت سابقًا، ولكنَّها انقلبت الآن؛ وهي تعني حسب معجم أكسفورد: الشخص الذي يتمسَّك بالكتب القديمة لأيِّ دين من الأديان. ولكنَّهم أضافوا للنسخة المنقَّحة الجديدة من المعجم جملة: (خاصَّة الشخص المسلم)، فأصبح المسلم في خانة الاتهام؛ مع أنه من الجميل والحسن أن يكونَ الإنسانُ المسلم متشدِّدًا في التمسُّك بدينه وآدابه مثل: العدل والعفو والتسامح.. وغيرها من الصفات النبيلة التي هي من أسس الإسلام، ومن ثَم فلا عيبَ في ذلك؛ بل يجب أن نكونَ فخورين بديننا وإسلامنا.

٣) المسلمون إرهابيُّون:

يتطرَّق الغرب كثيرًا إلى أن المسلمين إرهابيُّون، ولكن تعالَوا لنُلقيَ الضَّوء على هذه الكلمة؛ فقد أطلقها البريطانيون سابقًا قبل ٦٠ سنة بالتحديد على الهنود؛ لأنهم كانوا يدافعون عن وطنهم ضد الاستعمار البريطاني؛ إذًا فالهنود هُم أشخاصٌ وطنيون وليسوا إرهابيين. وإذا سألتَ الصحفيين: هل يتفقون مع البريطانيين على هذه التسمية لأشخاص يسعَون في الحصول على حرِّيتهم؟ فسيقولون: لا. فقل لهم: إذن لماذا أنتم أيها الصحفيون ازدواجيُّون في المعايير والأحكام، ولماذا لا تعترفون بالحقيقة؟

وأيضاً في حرب الثورة الأمريكية ضد البريطانيين، كان البريطانيون يسمُّون جورج واشنطن الإرهابيَّ رقم ١، وهو الذي أصبح الرئيسَ الأولَ للولايات المتحدة. وهناك نيلسون منديلا أيضًا الذي سُجن على أنه إرهابي، ثم صار رئيسًا لجنوب إفريقيا، ومُنح جائزة نوبل للسلام، فهو ليس إرهابيًّا وكان مسجوناً ظلمًا، وهناك مئاتُ الأمثلة الشبيهة بهذا الأمر.

ولكنَّ الإشكالية هي أن الغربيين مسيطرون على الإعلام، وهم في موطن القوَّة، ويريدون من الجميع تصديقَهم، وإن أطلقوا وصفًا على أيِّ جهة أو شخص فسيكون هو السائد.

4) الإسلام انتشر بالسيف:

أفضل ردٍّ على هذه الشُّبهة هو عبارةٌ في كتاب "الإسلام على مفترق طرق" لمحمد أسد رحمه الله؛ حيثُ أشار إلى أنَّ أكبر أسطورة هي أنَّ الإسلام قد انتشر بالسيف.

أولاً: لو كان الإسلام انتشر بالسيف لما وجدنا ١٤ مليون قبطيٍّ عربي، ولكان المسلمون قد قتلوهم أو أكرهوهم على الدخول في الإسلام.

ثانيًا: إن إندونيسيا أكبر بلاد المسلمين، وأتساءل أيُّ جيش ذهب لإندونيسيا ولماليزيا وللجنوب الشرقيِّ من إفريقيا حتى يُدخلوا لها الإسلام؟ إن الحقيقة واضحة؛ وهي أن المسلمين قد استعملوا سيفَ الحبِّ والعقل لإقناع الناس، وفي الوقت الحاضر أكثرُ الديانات انتشارًا هو الإسلام؛ وثُلثا المعتنقين للإسلام هم من النساء، والنساء في أوربا وأمريكا يعتنقون الإسلام لأن فيه الحلَّ للمشاكل الأسريَّة دون إكراه من أحد.

 ٥) تعدُّد الزوجات:

يسأل الغرب كثيراً: لماذا يسمح الإسلام للمسلم بأن يعدِّدَ زوجاته؟ وأنا أقول إنَّ القرآن هو الوحيد الذي يقول: تزوَّجوا زوجةً واحدة إن خفتُم ألا تعدلوا عند تعدد الزوجات. أما سائر الكتب السماوية فلا تذكر الاكتفاء بواحدة فقط؛ فكتاب الهندوس يقول: إن الأب شيراز كانت له زوجتان، وأيضًا هناك ذِكر أن عدد زوجات أحد الكبار في الهندوسية بلغ ١٦ ألف زوجة!

وفي التوراة ذُكِرَ أنَّ إبراهيم كان له ثلاثُ زوجات، وفي الإنجيل ذُكِرَ أنه كان لسليمان ٧٠٠ زوجة. وتجدر الإشارة هُنا إلى أنَّ الديانة النصرانية واليهودية تسمح بتعدُّد الزوجات ولكن الكنيسة هي التي قيَّدت الرِّجال بواحدة فقط.

وحسب الديانة الهندوسية فإنه يمكن للشخص أن يتزوجَ ما يشاء، ولكنَّ القانون الهنديَّ هو من منع ذلك.

وحسب الإحصاءات وخلال عشر سنوات كان معدَّل زواج الهندوسيين المعدِّدين أكثر بــ ٧% من المسلمين، وحسب القانون الهندي فإنه يمكن للمسلم أن يعدِّدَ، أما الهندوسيُّ فلا يجوز له ذلك، ولكنهم يخالفون الأمر!

وحسب الإحصاءات الطبية فإن الوَفَيات من الأطفال الذكور أكثرُ من الإناث بسبب قوة تحمُّل الإناث وهنَّ صغيرات، وهذا أمر طبيٌّ معروف. وهناك نِسَب معدَّلات وفاة ذكور أكثر بسبب المخدِّرات وغيرها، ومن ثَم فإن نِسَب الإناث أكثر بكثير عمومًا، وهنا يُمكننا أن نذكُر أمرًا، وهو: أنَّ عمليات إجهاض البنات معروفة في الهند بسبب كثرتهنَّ، ولو توقَّفَ هذا لازداد عدد الإناث هناك ازديادًا كبيرًا.

أما في بريطانيا وأمريكا وألمانيا فإن عدد الإناث أكثر من الذكور بمعدَّلات واضحة وبارزة؛ ونتساءل: ما مصيرُ النساء اللواتي لا يجدنَ أزواجًا؟ فليس هناك خيارٌ سوى التعدُّد أو أن تصبحَ الفتاة تُباع وتُشترى في ذلك المجتمع؛ إذ هناك - كما هو معروف - تعدُّد العشيقات مُباح ولكنَّ تعدد الزوجات ممنوع!! ومن الناحية الاجتماعية والقانونية وبالنسبة لهم فالصديقة لا تنال حقوقها، ولكن في الإسلام تحصل الزوجة الثانية على حقوقها كاملة!

وأخيراً.. إن ما ذُكر في هذه المقالة إنما هو مقتطفاتٌ يسيرة من كلام الشيخ ذاكر نايك حفظه الله وأطال في عمره، ونسأل الله أن نرى كتابه الذي ذكَرَه قريبًا باللغة العربيَّة.

الكاتب في محاضرة الشيخ ذاكر نايك

               

([1]) ذاكر عبد الكريم نايك: هو داعية وخطيب ومنظِّر إسلامي هندي من أهل السنَّة والجماعة، ولد عام 1385هـ (18 أكتوبر 1965م). تخصَّص في الطبِّ ونال شهادة بكالوريوس في الجراحة من جامعة مومباي، ولكنه منذ عام 1413هـ (1993م) ركَّز على الدعوة الإسلامية، وهو مدير مؤسسة البحث الإسلامية (Islamic Research Foundation) أو IRF بالهند. آتاه الله موهبة حفظ أرقام الآيات في القرآن واستحضارها بسهولة، ناظر النصارى واليهود والهندوس والبوذيين، وهو يحفظ كتبهم ويقتبس منها كثيراً. ومن عادته أثناء خطبه أو مناظراته أن يستشهد مثلاً بآيات قرآنية مع ذكر رقم السورة ورقم الآية التي يستشهد بها من ذاكرته، أو أن يستشهد بحديث نبوي مع ذكر الكتاب الذي ورد فيه ورقم الحديث في ذلك الكتاب. وهو ذات الأمر الذي يفعله عند الاستشهاد بالكتب المقدسة الأخرى.

ألقى أكثر من 1000 محاضرة، هذه المحاضرات أقيمت في أمريكا وكندا وبريطانيا وجنوب إفريقيا والسعودية والإمارات وماليزيا والفلبين وسنغافورة وأستراليا وغيرها. أسلم على يديه عدد كبير من الناس، سواء بشكل مباشر أو من خلال أشرطته المسموعة والمرئية، من أشهر مناظراته تلك التي عقدت في 1 أبريل 2000 مع وليام كامبل في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان "القرآن والإنجيل في ضوء العلم" (The Qur’an and the Bible in the light of Science).