الناشط الشبابي محمد حسنة
هكذا أثر الربيع العربي
على هوية الشباب المسلم
ميرفت عوف
لم يكن انهيار الأنظمة الطاغية الوحيد ذو الأثر الإيجابي لحالة الربيع العربي، فعلى الرغم من الهدم المحمود لأنظمة وقيادات طال استفحال شرها كل شيء كان هناك بناء أكثر حمداً لعقول الشباب العربي واستعادته لمجده وتراثه الإسلامي التليد الذي حار الغرب كيف يخترقونه.
الناظر للشباب العربي اليوم يرى عقولاً كان قد غيَّب فكرها، ودنسه نظام بائد احترف زرع اللامبالاة واليأس والإحباط والفشل في نفوسهم بإنهاء أي بصيص أمل يشرق من إبداعاتهم، فبعد أن كان جل هم الشباب الاشتراك في المسابقات الغنائية باتوا الآن يتسابقون على المشاركة في المسابقات العلمية التي تبرز إبداعهم وتعزز وعيهم وتعيد لهم هويتهم التاريخية والإسلامية.
"لها أون لاين" تستضيف الناشط الشبابي محمد حسنة تقف معه على أهم انعكاسات الثورات العربية على سلوك وفكر الشباب وكيف استطاع أن يستعيد ثقته في هويته وثقافته العربية الإسلامية، تابعوا.
- كيف انعكست الثورات العربية على سلوك الشباب واتجاهه نحو استعادة هويته الإسلامية؟
لا شك أن الثورات العربية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، قد ألهمت الشباب العربي بشكلٍ خاص والشباب الإسلامي بشكل عام في توجيه طاقاتهم وإبداعاتهم وأولوياتهم تجاه هويتهم الحقيقية وتاريخهم السابق وأمجادهم التليدة.
نعم كان للثورات تأثير كبير جداً في استعادة العمق والهوية الإسلامية لتوجهات واهتمامات الشباب، وقد برز ذلك خلال تصدر الشباب المسلم المثقف لمجمل الثورات، وكان هو من شكل الجسم والحاضن والمحرك؛ دون أن ننسى دور التوجهات الأخرى في الثورات العربية، فالكل يجزم أن الشباب المسلم صاحب الهوية والثقافة الإسلامية هو من تصدر الساحة وتصدى في المواجهة، وهو من قام بدفع الضريبة المترتبة على الثورة قبل أي شخص آخر، ولا يعني ذلك التقليل من شأن التيارات والأفكار الأخرى التي أشعلت جذوة الثورة.
- هل أعادت له الثقة التي كان يفقدها وهل تغيرت آماله الآن للمستقبل عما كانت عليه؟
بلا شك أن الثورات العربية أعادت الثقة للشباب في تاريخهم وتراثهم الإسلامي القويم الذي كانوا بمنأى عنه كرهاً وليس طوعاً، ففي ليبيا على سبيل المثال رأينا الثوار يهتفون بمقولات عمر المختار"نحن شعب نموت ولا نستسلم" وغيرها مما يدلل على إعادة ثقتهم بالتاريخ الإسلامي الذي انتصر للمظلومين وأحق الحقوق، لقد شكلت الثورات نقلة نوعية في رجوع الشباب إلى الهوية والعمق العربي والإسلامي.
وعلى صعيد تغير آمال الشباب للمستقبل، فأعتقد أن نظرة الشعوب بأكملها ومنهم الشباب تغيرت كثيراً، فقبل الثورات العربية كان ما يشغل الشباب العربي كيف يشارك في إستار أكاديمي star academyأو Arab idol وغيرها، الآن المفاهيم اختلفت وبات الشباب العربي في تسابق نحو المشاركة في المسابقات العلمية والثقافية الإسلامية وتسابق على أن يكون الشباب المسلم صاحب الهوية المثقف هو من يمثل المستقبل، ولعل نتائج الانتخابات في تونس ومصر خير دليل على تغير الآمال، والتفاف الشعوب بالعموم نحو استعادة الهوية الإسلامية والطابع الإسلامي في منهج الحياة باعتباره الأقدر على المواجهة.
- كيف يمكن تعزيز هذه الانتصارات نحو المزيد من المشاركة الشبابية في المستقبل؟
بدايةً آمل من الشعوب العربية بشكل عام والشعوب المسلمة وأيضاً الشعب الفلسطيني خصوصاً في قطاع غزة أن يحذو حذو الثورات العربية عبر تصدير واجهات ونماذج إسلامية مشرقة، تستطيع أن تنوب عن الشباب وتساهم في صناعة القرار وأن تُحيد الذين يحاولون أن ينسلخوا عن التراث والهوية والثقافة الإسلامية، لمجرد التقرب من الغرب وجلب بعض التمويل لمبادراتهم، نحن نريد أن يسود الشباب المسلم صاحب الثقافة والهوية الإسلامية كعنوان رائد وأساسي في موضوع إدارة وصنع القرار مع احترامنا لجميع التيارات والجهود الأخرى ودورها ومحاولاتها في صناعة القرار، لكن أدعي أن الشخص المسلم صاحب الهوية الثقافية الإسلامية هو من برهن في الثورات العربية على أنه الأقدر وبإذن الله سيكون الأجدر فحتى الآن التجربة تؤكد ذلك، آمل أن يتكرر هذا النموذج في غزة والضفة وفلسطين عموماً وفي جميع الدول العربية والإسلامية باعتباره نموذجاً مشرقا.
- كيف تقرأ تأثير هذه الثورات على صعيد الحياة السياسية والاجتماعية؟
كما أسلفت فالشباب كانت توجهاتهم في فترات قد خلت منصبة نحو المسلسلات التلفزيونية والمباريات والمسابقات الغنائية، الآن لا يخلو شارع ولا جلسة من الحديث عن السياسة وأمور الدولة، وكيفية المساهمة في الإصلاح وتغيير الواقع السلبي إلى واقع إيجابي، أؤكد على صعيد التغيرات السياسية فقد بات حديث الشارع سياسة، أما على الصعيد الاجتماعي فأعتقد أنه بدأت تبرز وجهات نظر مختلفة في معالجة القضايا الاجتماعية، وكذلك رؤى مختلفة سواء من التيارات الإسلامية أو غيرها، الآن الشاب المسلم صاحب الثقافة والهوية الإسلامية يحاول أن يقدم نموذج عمل ليغير مسيرة وواقع المجتمع العربي بمبادرات تلتصق باحتياجات ومشاعر الفقراء والمضطهدين ظلماً.
- كيف نحمي الشباب من الأفكار الغربية والتدخلات التي تزامنت مع الربيع العربي؟
لا شك أن أول لبنات الحماية للشباب من الأفكار والتدخلات الغربية، تشكيل حاضنة شبابية بغض النظر عن مسماها تحتوي المبدعين والمثقفين وأصحاب الهوية الإسلامية؛ ليقوموا في خطوة متقدمة بتأسيس العمل الشبابي في الدول العربية والإسلامية عبر تشكيل لجان واتحادات، وإيجاد شبكة ضخمة من تبادل المعلومات فيما بينهم؛ لتشكيل طواقم لها مهام معينة للرد على بعض المغالطات، بالإضافة إلى وضع خطط وحلول وبدائل فلا يكتفي بطرح المشكلة، بل أيضاً طرح الحلول، لذلك نحن ـ معشر الإسلاميين ـ مطالبون بإيجاد حلول للمشاكل العربية والإسلامية في دولنا، ومن ثمَّ نقول: إن من قام بطرح الحلول وتنفيذها هم الشباب المسلم، وسندع الفعل هو من يتحدث عن أصحاب الهوية الإسلامية، ولكن إن بقينا في خانة الحديث أننا سنفعل فسنظل قيد القول وسنكون كما غيرنا، لذلك علينا أن ندع الرد بالكلام جانباً، ونتجه للعمل الفعلي على الأرض وهو من سيرد على أي مزاودة قد تحدث.
- ما هي رسالتك للشباب العربي؟
أرجو من الشباب جميعاً أن يجعل الفكرة تحلق، فإن حلقت الفكرة ستُحلق به ولا يتعلق بالفكرة فيثقلها ويكون همه الأكبر أن يظهر هو لا أن تظهر فكرته، فبالتالي تسقط الفكرة ويسقط هو، أرجو من كل شاب عربي مسلم أن يركز على تخفيف الحمل على الفكرة، وأن ندعم باتجاه أن يكون النجاح للأفكار لا للأشخاص، وأن يتعلق الشباب المسلم بالأفكار والمبادئ القويمة بدلاً من التعلق بالشخوص والأفراد، فقد نُطعن ونهزم في بعض الأشخاص ولكن أبداً لا تسقط المبادئ والأفكار بإذن الله.