ألو جهنم... مكالمة محلية؟!
نبيل عودة
كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني – الناصرة
استغلت إسرائيل كالعادة الجريمة البشعة ضد المواطنين الفرنسيين وخاصة اليهود بينهم، من اجل دعوتهم للهجرة إلى إسرائيل حيث الأمن والأمان والهدوء والاستقرار لشعب الله المختار.
تخيلوا معي حوارا يجري بين رئيس الحكومة ومواطنين يهود فرنسيين.
- إسرائيل تفتح ذراعيها لاستقبالكم، عودوا إلى صهيون حيث الأمن والأمان..
- لكنكم سيدي ما زلتم تعدون العدة للحرب القادمة ضد حماس، ضد إيران..ضد حزب الله وربما ضد أبو مازن .. ومن يعرف ضد من أيضا. ربما ضد داعش.. وهنا مجرد حادث مؤلم لكنه سيجعل الدولة الفرنسية تلاحق المتطرفين وتقضي عليهم.
- لكن إسرائيل هي وطنكم.. الأرض التي وعد بها الله شعبكم.. الا تنفذون أوامر الله؟
- وعد الله كان ناقصا.. لم يعد بإفراغ ارض الميعاد من العرب، لم يعد بأن تخصص أكثريتها للأشكيناز.. ولم يعد بان يعيش شعبه بسلام.
- نحن نكمل وعد الرب بقوتنا التي لا تقهر. ننجز ما عجز موسى عن تحصيله من الرب.
- كيف .. بمقاتلة حماس وإيران وحزب الله.. حتى ضد حماس لم تنجزوا شيئا يمكن البناء عليه؟
- لكن بلادنا ارض الحليب والعسل، لا تقلقوا. ما لم ينجز ضد حماس سننجزه في الحرب القادمة.
- وإذا لم ينجز؟
- ستكون جولة أخرى .. لن نتنازل!!
- حرب مرة أخرى..لا شيء إلا الحرب. من اجل ذلك نترك بلاد الخيرات والنبيذ الرائع والكونياك اللذيذ والشمبانيا التي لا مثيل لها في عالمنا.. ونبتعد عن الصبايا الجميلات.. والمطاعم الباريسية الفاخرة..وحرية زيارة كل دول أوروبا بدون قيود .. من سنزور عنكم؟ مغلقون من جميع الاتجاهات. الموت يتربص بكم من كل جهة. تقضون في الملاجئ نصف عمركم. تتنكرون حتى لحقوق بعض مواطنيكم، في فرنسا المساواة تشمل الجميع ..حتى القتلة لا يميزون بين المواطنين..هنا كلنا فرنسيون .. نحن هنا لسنا اشكناز او سفراديم او يهود أوغير يهود ..لنا تسمية واحدة : فرنسيون!! نحن قلقون عليكم يا ابناء شعبنا..أخبار الفساد أصبحت على رأس نشراتكم الإخبارية. سرقة أموال.. اغتصاب..تهديد بمحاكم دولية.. ماذا تبقى لمواطنيكم غير زيارة القبور والبكاء عليها؟ ومتاحفكم أصبحت للتجارة بكارثتنا. هل نعيش في ظلال الموت لنستعيد آلامنا وقهرنا ونجعله منهجنا في الحياة؟ منهج لا يعرف غير الانتقام من الأغيار مهما كانوا؟ المستوطنات حيث طويلي السوالف يحرقون ويقطعون أشجار الزيتون الفلسطينية .. حتى الشجر يعاني من كراهيتكم. لماذا تتجاهل سيدي ان الهجرة المعاكسة تتزايد؟ هل يهربون من النعيم؟ حكومتكم تقيم حيطان عزل للفلسطينيين وتسمون هذا أمن وأمان؟ حتى القدس التي تعلنونها عاصمة أبدية لا يمر فيها يومان بدون اشتباكات وقتل وقتل مضاد. أي بشارة مستقبل تقدمونها إذا تركنا وطننا الفرنسي؟ الله وعد.. ربما وعدنا بالبكاء ، فهو الشيء الوحيد الذي نراه في أخباركم. لا شيء لديكم إلا البكاء والكراهية ونحن نريد ان نضحك ونرقص ونحب ، في فرنسا نستطيع ان نفطر في برلين ونتناول وجبة الغذاء في روما، ونتعشى في باريس مع زجاجة نبيذ "كابارنيه" وتشكيلة أجبان فرنسية.. ونراقص صبية في الشانزليزيه. هل نستبدل ذلك بحائط المبكى لنجهش بالبكاء على سبعة ألف سنة لن تعود؟؟ هل تريدنا ان نقضي حياتنا بالبكاء على وعود لم تتحقق وربما لم تكن إلا أساطير وخرافات كا يقول العقلاء من بينكم؟ انظر سيادتك مثلا.. من هنا نستطيع ان نتصل حتى بجهنم ونعرف ما هو الوضع هناك.. والتكلفة 10 يورو فقط..؟ كيف سنتصل بجهنم من إسرائيل؟
- الاتصال متوفر إلى أي بلد تشاؤون ، كذلك إلى جهنم.. الهايتك لدينا متطور والاتصالات تطورت.. والحياة تطورت .. تل ابيب أصبحت أهم من باريس.. تعالوا فيها مطاعم فرنسية وافخر انواع النبيذ وأجمل الصبايا في الكون..وفشرت باريس!! وتأكدوا ان أجهزة أمننا اشطر من أمن الفرنسيين.. مخابراتنا تعرف كل همسة يهمس بها فلسطيني ...نعرف حتى كم مرة يسعل في النهار..وعدد شتائمه اليومية للإحتلال.. هلموا إلى وطن الآباء ولن تندموا...وكما قلت لكم.. الاتصال من اسرائيل مع جهنم متوفر كل الوقت.. وبدون انتظار!! .. حتى للعرب متوفر بحرية .. لأننا دولة ديمقراطية.. حتى فرنسا تتعلم من ديمقراطيتنا.. اجل.. تعالوا وجربوا..
بعد شهرين جاء عدد كبير من يهود فرنسا إلى مطار بن غوريون، كان باستقبالهم ممثل مكتب رئيس الحكومة.
- أهلا بكم في ارض الآباء والأجداد.
- قبل ان تنقلنا السيارات إلى الاحتفال ألترحيبي في القدس يجب ان نجرب شيئا هاما.
- ما هو؟
- الاتصال بجهنم.
- تفضلوا .. هذا بليفوني.
اتصل احد الفرنسيين وتفاجأ . رد علية قائمقام جهنم نفسه.. شرح له ما الوضع في جهنم كم حرق اليوم... ودرجة الحرارة التي تذيب العظام. انهى المكالمة سعيدا وسال:
- كم تكلفة الحديث مع جهنم؟
- التكلفة نصف يوريو فقط.
تفاجأ الفرنسيون..لماذا في فرنسا ندفع 10 يورو وفي إسرائيل نصف يورو فقط؟!
- أعزائي في فرنسا المكالمة لجهنم دولية، في إسرائيل المكالمة لجهنم محلية!!