صور ناطقة للتحوت والروابض 73 +74
صور ناطقة للتحوت والروابض
أحمد الجدع
[73]
-- -----------------------------
صنفان من الفلسطينيين توليا أمر هذه القضية المظلومة .
الصنف الأول وقد تولى أمر القضية منذ هزيمة 1967 ، وقد تبنى الأفكار المستوردة من الشرق ومن الغرب ، فكان منهم الشيوعي والاشتراكي والقومي والليبرالي والعلماني ، وقد تسلق من خلال هذه الأفكار على سلم القضية أنواع من التحوت كفروا بالله ، وسار الكفر على ألسنتهم في الأندية والمؤتمرات وحتى في الشوارع !
وقد وصل هؤلاء بالقضية إلى ما تعلمون .
والصنف الثاني تبنى النهج الإسلامي عقيدة وجهاداً ، فكان عف اللسان صادق المقولة ، وكان فكره أصيلاً نابعاً من عقيدة الأمة ومن موروثها الحضاري الأصيل ، فحقق للقضية انتصارات ، وحقق لها حضوراً عربياً ودولياً ، وإنسانياً .
هذا مجرد عرض مختصر أقوله بين يدي حدثين أعاصرهما في هذه الأيام .
الأول حضور وفد من سلطة رام الله إلى غزة عن طريق معبر "بيت حانون" وعندما استمهلته شرطة المعبر حتى تتم الإجراءات المعتادة ثارت ثائرة الوفد ، فشتموا الشرطة وسب أحدهم الذات الإلهية وانسحبوا عائدين ، كل هذا حصل خلال عشر دقائق فقط ، علماً بأن هؤلاء ربما أوقفهم اليهود على حواجزهم بالساعات فلا يستطيع أحدهم أن ينبس بكلمة واحدة .
الحدث الثاني زيارة السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء المنتخب في غزة لتونس ، وإمامته لعشرات الآلاف من التونسيين في صلاة الجمعة في مسجد عقبة بن نافع ، فاتح شمال إفريقية ، وحثه التونسيين على نصرة فلسطين والجهاد على أرضها باسم الله الناصر .
أقول هل تحرر فلسطين بسب الذات الإلهية أم بإعلاء كلمة الله في الأرض ؟
وأقول أيضاً ألم يجد الرئيس عباس من رجال فتح من هو أعف لساناً وأرفع مقاماً وأكثر صبراً من هؤلاء ليرسلهم للتفاوض من أجل "المصالحة" ؟
حسبنا الله .
----------
راجع جريدة الرأي الأردنية الصادرة يوم السبت 13 صفر 1433هـ - 7 كانون الثاني 2012م – ص12 .
==========
[74]
-------------------------------
ما حدث في ميدان التحرير بمصر في أثناء إحدى الاعتصامات صادم لكل من رآه .
أفراد من الجيش المصري يفضون اعتصاماً بالقوة ، ويجرون إحدى الفتيات من ثيابها حتى يكادوا أن يعروها منها ، ويتقدم أحد الجنود (البواسل) ويرفع رجله ويهوي بها على صدر الفتاة شبه العاري !
حدث هذا أمام الناس جميعاً ، وأمام كاميرات المصورين ، ونشر على شكل واسع تصويراً لوحشية العرب الذين لا يستحقون الحرية والديمقراطية !!
نعم كان هذا التصرف من هذا الجندي الذي درب على التصرفات اللا إنسانية مع شعبه حتى لا يرفع الشعب رأسه مطالباً بوقف القهر والظلم والعبودية ، فمن هو الذي يجب أن يحاسب على هذا الفعل الشائن ؟ هل هو الجندي أم من دربوه أم من اعتبروا هذا الحدث شيئاً لا يحاسب عليه من يرتكبه ، فلم يُسأل أحد ولم يُلم أحد ... ومرّ الزمن ونسي الناس ... وهذه نظرية الطغاة !
قرأنا عن حوادث مشابهة في الجاهلية الأولى ، ولكن السادة فيها استنكروا هذه الحوادث واستهجنوها ، وقالوا بأنها مخالفة للرجولة والنخوة والأخلاق المرعية ، أما الجاهلية الأخرى فلا ترى في ذلك من أمر نقيم عليه الدنيا ولا نقعدها !
هل هؤلاء الناس من تحوت هذا الزمان وروابضه الذين يستفزون مشاعرنا ويحطمون الرجولة والنخوة في مجتمعاتنا منا ؟
ألا يحق للشاعر أن يقول ([1]):
فلتنتسب فرس الهيجا
لفارسها |
|
فقد تشابك حرُّ القوم بالدون ! |
نعم إننا بحاجة إلى أن يتمايز الناس حتى نعلم من هو من الأحرار ومن هو من الدون !
في المشهد نفسه في ميدان التحرير وبعد أن داس هذا الدون بقدمه في صدر الفتاة شبه العاري ، سارع زميل له من الأحرار فغطى الفتاة ... في هذا المشهد تمايز حرُّ القوم من الدون .
نستغفر الله ... وحسبنا الله .
([1]) بيت الشعر للشاعر الكبير حيدر محمود .