صور ناطقة للتحوت والروابض 71+72
صور ناطقة للتحوت والروابض
أحمد الجدع
[71]
-- -----------------------------
المحامون الذين ينتشرون في عالم الإسلام وتحتاجهم أعداد هائلة من أصحاب القضايا بأنواعها الكثيرة ، هم حراس الحق وهم المدافعون عنه ، وهم الساعون لأخذ الحق من القوي للضعيف ومن الحاضر للغائب ...
هذا هو ما أتصوره من مهمات لأولئك العلماء بالقانون والشريعة .
ولكن ليسوا كلهم سواء .
هناك من المحامين من يعتقد أن المحاماة مهنة للدفاع عمن يوكلهم ، سواء كان هذا الموكل صاحب الحق أم لم يكن صاحبه .
وقع لي أن اعتدى على حقي أحد البنوك ، فاشتكيت إلى صاحب السلطة في الفصل في مثل هذه النزاعات ، فاستمع إلى شكاتي ، ورأى أني محق في دعواي ، فأرسل مذكرة لاستدعاء مدير هذا البنك .
البنوك والمؤسسات الكبرى لها محامون مقيمون فيها ، منتدبون لحل النزاعات المتعلقة بها ، فأحالوا هذا النزاع على محاميهم ليعرض وجهة نظرهم ويدافع عنهم .
حضر السيد المحامي جلسة المناقشة ، فكان يبدي رأيه ، ويدافع عن وجهة نظر البنك مهما كانت هذه الوجهة .
كان هذا المحامي يجلس إلى جانبي ، فأحببت أن ألفت نظره إلى أن مهمته الإنسانية أن ينحاز إلى الحق لأن ذلك هو شرف المحاماة .
التفت هذا "المحامي" إليّ وقال لي بحزم : أنا يا سيدي محامي البنك ، ولست محامي الحق .
الحقيقة أنني ذهلت لهذه الإجابة القاسية ، فنظرت إلى وجه هذا المحامي فخيل إليّ أن وجهه قد تلون بالسواد ، واعتقدت أنه من أولئك الذين سوف تسودُّ وجوههم في الآخرة ، يوم تعرض أعمالهم السوداء ، فيجرون إلى النار ، فيكبكبوا فيها .
ماذا ؟
إنه يصرح بكل وقاحة أنه ليس مع الحق إذا كان هذا الحق ليس مع موكله .
أنا أعتذر إلى العدالة ، وأعتذر إلى المحامين الشرفاء الذين هم مع الحق دائماً .
حسبنا الله .
==========
[72]
-------------------------------
ويسألون لم ضاعت القدس ؟
في عام 1956م جرت انتخابات مجلس الأمة ، فانتخب سكان القدس وما حولها نائباً شيوعياً ، وعند الشيوعيين أن لا إله والحياة مادة ، ولم يكن هذا الرجل المنتخب مسلماً ، ولا من أهل القدس !!
في ذلك الوقت كان المدّ القومي والمدّ الاشتراكي والمدّ الشيوعي سائداً ، وكان أصحاب هذه الأفكار ينكرون على القدس قداستها حتى قال قائلهم – بفيه الحجر - : وما القدس ؟ وما مسجدها الأقصى ؟ إنها مجرد مدينة ، مثلها مثل أية مدينة أخرى ، والأقصى مسجد مثله مثل أي مسجد آخر !!
بل إن الأمر قد وصل إلى درجة أدنى من أية دنيّة ، فقد كان كثير من الناس في مدن فلسطين إذا أحبوا أن يرتكبوا الفواحش ذهبوا إلى القدس ومحيطها !!
وعندما هبَّ رجال من أهل مصر لنجدة فلسطين عام 1948م ، وجاهدوا فيها حق جهادها ، وأذاقوا العدو اليهوديّ مرَّ الهزائم ، ثم أعلنت حكومة مصر الهدنة ، أُمر هؤلاء المجاهدون أن يعودوا إلى مصر ، وعندما رفضوا سيقوا مكبلين إلى السجون ، وقال رئيس وزراء مصر آنئذٍ عندما سئل عن فلسطين : أنا رئيس وزراء مصر ولست رئيس وزراء فلسطين ، كأنه لم يقرأ قوله تعالى : (إنما المؤمنون إخوة) !! وقول رسول الله r : (المسلم أخو المسلم) .
وماذا يعني بقوله : أنا رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين ؟ إنه يعني ما يقولونه اليوم : مصر أولاً !
إذا كان لا يعني رؤساء العرب شأن فلسطين ، فماذا يعنيهم إذن !
وروي في حرب 1967م أن جندياً فرّ من الحرب وهو يقول : كيف أقاتل في سيناء وحبيبتي في مصر ؟
نعم : لا يلام هذا الجندي وقد عاش في أجواء : هل رأى الحب سكارى مثلنا !!
أما الذي كان يدير المعركة وهو يصبُّ كؤوس الخمر ، ويقسم على صاحبه أنه سيكمل سكره في ساحات القدس بعد أن يحررها ، فأنى له أن ينتصر ، وأنى لنا أن نعيد القدس وزمامنا في أيدي أمثاله !
ولقد روي عن إحدى لجان التعاقد التي أتت من بلاد الحرمين لتختار جمعاً من المدرسين من أهل فلسطين أنها طلبت من جميع من تقدم لها أن يقرأ سورة الإخلاص ، فلم يدر جلهم ما سورة الإخلاص !!
حسبنا الله .