تأملات في ثورة الشباب العربي
د. خالد أحمد الشنتوت
باحث في التربية السياسية
إن الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : [ تكون فيكم النبوة ماشاء اللـه أن تكون ، ثم يرفعها اللـه إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، تكون ماشاء اللـه أن تكون ، ثم يرفعها اللـه إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ماشاء اللـه أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ماشاء اللـه أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت ]([1]).
يقول الشيخ سعيد حوى يرحمه الله في كتابه جند الله ثقافة وأخلاقاً : الملك العاض هو الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية ، أما الحكم الجبري فهو حكم العسكر الذين تسلموا مقاليد السلطة بانقلابات عسكرية بدأها أتاتورك في تركيا ( 1908) وتتالت في جميع بلدان العالم الإسلامي ...
وهانحن نشهد رفع الله عزوجل للحكم الجبري الذي سيطر على الأمة العربية والإسلامية منذ مطلع القرن العشرين ، وتربى جيلنا على الخضوع للحكم الجبري ، حتى صار جيلاً يتوزع رجاله بين الجبن ، والنفاق ، والمثالية ، والتشرذم ، والفردية ، .... وكلها عوامل ساعدت الحكم الجبري على البقاء والاستمرار زهاء قرن من الزمن ، لأنه بدأ بانقلاب أتاتورك مطلع القرن العشرين ، وسبحان الله هاهي تركيا من طليعة الدول التي رفع الله عنها الحكم الجبري ، ويرفعه الله عزوجل إذا شاء أن يرفعه ،وقد بين الله لنا قوانينه الاجتماعية والسياسية عندما قال : { إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ، فالقوم يغيرون ما بأنفسهم ، ثم يغير الله أحوالهم ، أوقل يرفع عنهم الحكم الجبري ....
وشبابنا اليوم يختلفون عنا ، فهم أقل جبناً ، وأقل نفاقاً ،وأقل تشرذماً إن شاء الله تعالى ، حتى صرنا معاشر المعارضة الخارجية نفتخر أننا تبع للشارع السوري في الداخل ، أي تبع للشباب في الداخل ، لم لا ، وهم يقدمون أرواحهم في سبيل الله عزوجل ، وسالت دماؤهم تطهر رجس جيلنا الذي سكت ورضخ للحكم الجبري ....
أٌقول رضخ بشكل عام ، أما الشباب المسلم في سوريا في الثمانينات فيجب أن نشهد أنه قال للحكم الجبري ( لا) وقال له ( ارحل ) ولكن ذلك كلف الكبار والصغار ، الرجال والنساء ، تكلفة باهظة ، زهقت خلالها عشرات الألوف من الأرواح البريئة الطاهرة ....
ولما كنت في الجزائر كنت أعجب من أمر عبر عنه البوطي الذي داوم على زيارة الجزائر كل صيف ، قال[ أرى في الجزائردعوة ولا أرى دعاة ] ، وهذه حقيقة كنت أراها ، وكنت أفسرها ببركة أرواح المليون ونصف شهيد الذي قدموا أرواحهم في سبيل الله عزوجل ... كنت أرى صغارالدعاة يقدمون عشرات الجهود ، فتأتي النتائج بالمئات والآلاف ....
واليوم أبشروا يا شباب فلن تذهب أرواحكم رخيصة ، خاصة وقد غيرتم ما بأنفسكم ، أخرجتم منها الجبن والنفاق والتشرذم ، فسيأتي نصر الله ، ويرفع الحكم الجبري عن سوريا وليبيا واليمن كما رفعه عن تونس وأرض الكنانة ، وأسال الله أن يغفرلذلك الشاب بوعزيزي إنه غفور رحيم ....
وسيرفع الله الحكم الجبري عن العرب ، وتسود فيه الديموقراطية ، وبعد أن ترسخ فيه الحياة الديموقراطية ، لن يرض العرب غير الإسلام ، الإسلام الذي أنزله الله عزوجل ، كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه [ أيها الناس : قد وليت عليكم ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسات فقوموني ، أطيعوني ما أٌقمت فيكم كتاب الله ، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم ] ... وأعتقد أن الحكومة المدنية الديموقراطية تمهيد لعودة الخلافة الراشدة كما جاء في الحديث ، والخلافة الراشدة هي الشورقراطية كما قال محفوض النحناح يرحمه الله ...
والله على كل شيء قدير ....
([1]) رواه البزار ، وأخـرجه الطبراني في الأوسـط ، ورواه أحمد في مسنده واللفـظ لـه ، (4/273) . والسلسة الصحيحة للألباني (1/8) رقم (5) .