مراجعات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر 24
مراجعات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر
24
د. موسى الإبراهيم
[email protected]
بسم الله الرحمن الرحيم
الروح الوطنية والوحدة الداخلية في المفهوم الإسلامي
إن حب الوطن من الفطرة السوية للإنسان بل وللحيوان أيضاً وهذا أمر بدهي ولا يحتاج إلى دليل. ولقد غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم وطنه ومسقط رأسه يوم الهجرة الإضطرارية غادره وعيونه تذرف الدمع ولسانه يلهج مخاطباً مكة المكرمة: الله يعلم أنك أحب بلاد الله إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك لما خرجت. وقد أوجب الإسلام أن يفدى الوطن بالنفس والمال دفاعاً عنه وصوناً لحريته وكرامته.
والوطن في المفهوم الإسلامي يبدأ من مسقط الرأس ويتسع إلى حيث يمتد الآذان ويعيش المسلمون بشعائرهم وشرائعهم الإسلامية يتفيؤن ظلالها ويحتكمون إلى عدلها. وكلما اقتربت الأرض إلى مسقط الرأس ومكان الإقامة كانت أوفر حظاً بالحب والبذل والحماية والتكريم.
أما الإنسان المواطن في الوطن الإسلامي الذي يقطنه غالبية من المسلمين فهو مشمول بسماحة الإسلام وعدله لأن الإسلام يكرم الناس جميعاً وينصف الخلق كلهم مسلمهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم ومسالمهم ومحاربهم فكل من تحت المظلة الإسلامية يسعد بهذا الإسلام وهذه السماحة وهذه العدالة المطلقة التي شعارها/ ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى/ وليس هذا الكلام رصفاً خطابياً ولا عاطفة بيانية وإنما هو واقع وحالة شهدها البشر على هذه الأرض وسجلها التاريخ وماتزال
بصمات الحضارة الإسلامية وآثارها شاهد صدق على كل مانقول يعترف بذلك الأعداء قبل الصدقاء. والحركة الإسلامية المعاصرة تريد الوصول بالناس كل الناس إلى هذه الفضاءات الآمنة الكريمة وتريد من جميع المواطنين الذين يعيشون في الوطن الإسلامي أن يتعاونوا على مافيه خير البلد وعزته وكرامته ومافيه إسعاد المواطنين مهما اختلفت لغاتهم وأثنياتهم وعقائدهم.
*- أما من يريد الشر والمكر بالوطن أو بالمواطنين فلا يحيق المكر السيء إلا بأهله وعلى العادي تدور الدوائر.
نعم هذه وطنيتنا وهذا مفهومنا للوطن أما أن يريد أحد فهماً ضبابياً للمواطنة بكلام معسول بعيداً عن القيم والمبادىء فهماً يخلط بين الخير والشر والحق والباطل فهماً يخضع لأفكار البشر وأهوائهم بعيداً عن هدي الإسلام ورسالته الخالدة فهماً يتساوى عنده الأمين والخائن والعامل والهامل والبر والفاجر أما هذا فهو سفسطة فراغية وأفكار انتهازية وشعارات خلبية وزبد لابد أن يذهب جفاءً، ويبقى ماينفع الناس في الأرض والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.