مخاوف المسلمين من استغلال جريمة الاعتداء على شارلي إبدو

مخاوف المسلمين

من استغلال جريمة الاعتداء على شارلي إبدو

لإذكاء مشاعر العنصرية ضدهم

وتكريس الإساءة إلى الإسلام والتضييق عليه في الغرب

محمد شركي

[email protected]

لا يوجد مسلم صحيح الإسلام وسوي العقيدة في العالم بأسره يرضيه الهجوم الإجرامي الذي استهدف مقر جريدة شارلي إبدو الفرنسية المعروفة بإساءتها إلى مشاعر المسلمين من خلال رسوم كاريكاتورية ساخرة  من شخص النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان المسلمون في العالم يجمعون على أن الإساءة إلى مشاعرهم الدينية من خلال تلك الصور الكاريكاتورية، فإنهم على نفس الإجماع بخصوص إدانة جريمة يوم أمس بالعاصمة الفرنسية ،لأنه ليس من تعاليم الإسلام سفك الدماء مقابل الإساءة إلى المشاعر الدينية لأن نبي الإسلام تعرض للإساءة في حياته ولم ينتقم بالقتل من المسيئين إليه لأنه بعث رحمة للعالمين لا نقمة عليهم . ولقد كانت دائما  ردود أفعال المسلمين على الإساءة إلى مشاعرهم الدينية من خلال النيل من نبيهم الكريم بالصور الكاريكاتورية الساخرة والعابثة بطرق حضارية راقية تتمثل في مهرجانات لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم دون أن تصدر عنهم أية إشارات أو دعوات للانتقام من الجهات المسيئة باستخدام العنف ضدها . ومعلوم أن الجاليات المسلمة في بعض البلدان الغربية العلمانية تتعرض لمضايقات واعتداءات كثيرة وآخرها إحراق مساجدهم في السويد. وتعتبر فرنسا أكثر الدول الغربية والعلمانية تشددا مع المسلمين خصوصا فيما يتعلق بلباس المرأة المسلمة . ولا يعقل أن تستغل وتوظف جريمة الهجوم على مقر الجريدة الفرنسية الكاريكاتورية من أجل تشجيع مظاهر العنصرية اليمينية المتطرفة والمتمادية في نشر مشاعر الكراهية السوداء ضد الجاليات المسلمة ، وكذا تكريس التضييق على حرية  ممارسة الشعائر الدينية من خلال إلصاق تهم الإجرام والإرهاب  بدين الإسلام وهو دين سلام ورحمة . وإن الجريمة التي وقعت في فرنسا لا تلزم إلا مرتكبيها  ، ولا يعقل أن يؤخذ المسلمون بجريرة أصحابها لأنه دين شعاره ( لا تزر وازرة  وزر أخرى ) ، فكما أن المسلمين لم يدينوا  كل الفرنسيين بسلوك الإساءة إلى مشاعرهم الدينية ،فلا  يعقل أن يدين الفرنسيون كل المسلمين  بالجريمة المرتكبة  ضد طاقم شارلي إبدو. ولا يعقل أن يؤثر هذا العمل الإجرام الذي تبرأ منه جميع المسلمين في كل أرجاء العالم على العلاقات بينهم وبين رعاياهم المقيمين بالدول الغربية . والمسلمون لا يتدخلون في التوجه العلماني للدول الغربية، وكل ما يريدونه هو احترام مشاعرهم الدينية التي هي جزء من حرية الاعتقاد في بلدان ترفع شعار احترام المعتقدات والآراء. ولا شك أن سوء فهم الإسلام من طرف بعض المحسوبين عليه باعتبار جهلهم وقلة معرفتهم ، وتدني مستوياتهم التعليمية ، ووقوعهم في شراك التدين المغلوط  هو الذي يجعلهم ضحايا التطرف بما في ذلك ممارسة العنف والإجرام باسم الإسلام وتلطيخ سمعته لدى الأمم التي تجهله . ومما ساهم في تنامي التطرف الديني الإجهاز على التوجه الإسلامي المعتدل ، وحشره ضمن التوجهات المتطرفة افتراء عليه كما حصل في مصر على سبيل المثال حيث تم الانقلاب العسكري على حزب العدالة والحرية المصري المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين ، وهو تيار إسلامي معتدل وصل إلى السلطة عن طريق المشاركة في اللعبة الديمقراطية ، وهو لا يؤمن بالعنف وسيلة للوصول إلى الحكم كما فعل الانقلابيون الذين سكت الغرب الديمقراطي على إجهازهم على الشرعية والديمقراطية لمجرد أنها أفرزت وصول ما يعتبره الغرب إسلاما سياسيا يختلف مع توجهه العلماني ،علما بأن العلمانية تدعي أنها تقبل الاختلاف ، وتسلم بقواعد ونتائج اللعبة الديمقراطية المقدسة لديها . ولا شك أن وراء العمل الإجرامي جهات معادية للإسلام من مصلحتها تشويهه من أجل تبرير الاعتداء على المسلمين والنيل منهم والتضييق عليهم من خلال تلفيق تهم الإجرام التي يرتكبها بعض المجرمين لهم . ونأمل أن يكون رد فعل النظام الفرنسي والشعب الفرنسي  بسبب هذا العمل الإجرامي حضاريا تجاه الإسلام والمسلمين ،وتجاه الرعايا المسلمين في فرنسا ، كما نأمل أن يصدر نفس الموقف من جميع الدول الغربية . وعلى المسلمين إظهار الوجه الحقيقي لدينهم السمح ، وفضح كل الجهات التي تريد تلطيخ سمعته عن طريق نسبة التطرف والإرهاب له . وعلى الجهات المتربصة بالإسلام داخل البلاد الإسلامية ألا تحاول استغلال هذا الظرف من أجل تصفية الحسابات السياسوية والحزبية على حساب الإسلام والمسلمين.