سواري كسرى لسراقة... وتاجها لثوار الشام
سواري كسرى لسراقة...
وتاجها لثوار الشام
م. محمد حسن فقيه
ليس المقصود المقارنة بين السوار والتاج من ناحية عياره أو وزنه أوقيمته ، فهذه أمور ليست ذا بال في حضارات الأمم وسقوط أنظمتها أو زوالها ، وليس المقصود كذلك حجم النصر أو الفتح بالمقارنة بين السوار والتاج في زمن البعثة النبوية وزمننا المعاصر ، إنما المقصود من وراء ذلك هو تشابه الحال بين الأمس واليوم من جهة ، ومن جهة أخرى البشرى العاجلة بزوال هذه الإمبراطورية الفارسية التوسعية العدوانية الحاقدة على الأمة العربية والإسلامية ، مهما رفعت من شعارات ، وتدسرت بأغطية ولفافات ، وتلفعت بأقنعة وستائر .
أما تشابه الحال فهو من حيث وضع العرب والمسلمين يوم هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بصحبة الصديق أبي بكر رضي الله عنه وبين اليوم ، حيث كان وضع المسلمين في بدايته ضعيفا وطغمة الشرك تهيمن على الجزيرة العربيه ، والعرب مع اتساع رقعتهم إلا أنهم كانوا مفرقين مشتتين متناحرين ، يتوزع ولاؤهم بين إمبراطورياتا ذلك الزمن وهما فارس والروم .
في هذه الحالة المعاصرة التي تلف الجزيرة العربية وبلاد الشام من الفرقة والتفتت كما هو الحال عند البعثة ، والرسول صلى الله عليه وسلم يهاجر متخفيا مع صاحبه من قريته وقد أخرجه قومه منها ، ثم يحث الأعداء السير خلفه يبحثون عنه ويمنون من يعثر عليه بمكافأة ثمينة وجائزة كبيرة ، في هذا الموقف الصعب يعد رسول الله سراقة بعد أن لحق به وصاحبه بسواري كسرى.
غاصت قدما حصان سراقة في رمال الصحراء عدة مرات ، وطلب من الرسول الكريم أن يدعو له وينصرف عنهم ، فدعا له ووعده بسواري كسرى وطلب منه أن يعمي عنهم .
وتم ذلك الفتح المبين للمسلمين على الفرس المجوس في عهد الفاروق عمر ، الذي فتح بلاد فارس وأطفأ نارها ووفي بوعد الرسول ، وألبس سراقة سواري كسرى بعد أقل من عشرين عاما .
فتح العرب والمسلمون امبراطورية فارس ، وقد كانوا بالأمس قبل الرسالة يتوزع ولاؤهم وتبعيتهم هنا وهناك ، وهم في حالة يرثى لها من الضعف والتفكك والجهل والجاهلية .
واليوم تسعى إيران جاهدة لإعادة مجد فارس ، فتصول وتجول وتدس أنفها هنا وهناك ، فتحتل أراضا عربية وجزرا عربية ، وتزرع بؤر حقد طائفية وخناجر مسمومة تدين بولائها لدولة فارس ضد العرب والمسلمين ، وقد وصلت إلى مرحلة من التجبر والتعنت والتمرد ... والعلو كبني إسرائيل ، فكان حقا على الله قصمها وإزالتها .
لقد اصطفت هذه الدولة الفارسية مع الطواغيت والمستبدين ، وساندت ودعمت بكل ما أوتيت تلك الأنظمة الفاسدة المستبدة على قهر شعوبها ، وأمدتها بكل أدوات القمع والبطش والقتل والتنكيل .
لقد انحازت إيران مع القاتل ضد المقتول ، ومع الجلاد ضد الضحية ، ومع الظلمة ضد المظلومين ومع المستبدين ضد المستضعفين ، ومع الطواغيت ضد المواطنين الشرفاء من أحرار الأمة وأطهارها ، الذين خرجوا يطالبون بحريتهم المصادرة وحقوقهم المغتصبة وكرامتهم المسلوبة وانسانيتهم المهدورة من طغمة التشبيح والإجرام .
ولم تكتف إيران بوقفتها المخزية والخيانية ضد الأمة الإسلامية والعربية ، بل حركت فارس أذيالها ودفعت أذنابها الطائفية الحاقدة ، لتقوم بمناصرة نظام الظلم والإستبداد ضد الشعوب البائسة المسحوقة ، وتتحول مع هذا النظام المجرم إلى أدوات قتل وسفك وقهر وظلم ، ضد أبناء شعب سورية العزل ورجالها الأحرار .
لقد وصل الحال بهذه الإمبراطورية الفارسية التي تزعم أنها ثورة إسلامية ، تدعي أنها تدعم وتناصر الضعفاء والمظلومين ، أن تصطف مع أعداء الله وأعداء الإسلام والعروبة .... والإنسانية ، مع الظلمة والقتلة والمجرمين في صف واحد ، ضد الشباب الأحرار الأطهار من عرب ومسلمين ...
لقد وصل بها الحال وهي ترى وترقب وتسمع وتشاهد شرك شبيحة الأسد وعصاباته وكفرهم وتعديهم على ذات الله والشرك به ... وإجبار المواطنين العزل على الشرك به صراحة ، بلا مناورة ولا كناية أو تمويه أو مداورة .... ثم بعد كل ذلك يشتد سعار هذه الدولة الفارسية في مواقفها الخيانية وتحالفها الشيطاني مع نظام القتل والشرك والإجرام ، ضد الشعب المؤمن الحر وشبابه الشرفاء الأطهار.
بعد كل ذلك كان حقا على الله أن يخسف بالظالم ونظامه ومن يسانده ، ويزيل حكمه ويبدد دولته ، ولو كان مؤمنا ضد فاسق أو كافر ، فكيف لوكان الأمر من ظالم يشرك بالله ضد المؤمنين الموحدين ويجبرهم على الشرك ؟ !
لهذا فإن البشرى هي قريبة جدا تلوح للمؤمنين أنصار الحق والحرية ، وتتوعد فريق الاستبداد والطغيان بزوال دولة الظلم والعدوان والشرك ، وكل من يقف مع ذلك ويناصره ضد الشباب المؤمن الحر الطاهر ... وعندها فإن بشرى ثوار سورية وشبابها الحر هي بتاج فارس وليس بسوارها ، لأن فارس المجوسية القديمة كانت على الشرك لكنها لم تجبر المسلمين أو غيرهم على الشرك ، أما فارس اليوم وهي تدعي وتزعم نفسها حامية الإسلام ، تدعم فريق الظلمة والطواغيت ، الذين يقتلون الشرفاء والأحرار ، ويسفكون ويسفحون الدماء ويغتصبون ... ويجبرون الشباب المؤمنين الأطهار على الشرك .
وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد .
إن بشرى التاج لبلاد الشام وثوارها ... لأنهم سيسقطون هذا النظام المجرم ومن يسانده ، بتأييد الله وعونه ، محطمين هلاله الصفوي ، ومحبطين مكائده وخططه الباطنية ، ويريحون العالم العربي والإسلامي ... والعالم من شرور هذا النظام المجرم وأسياده وزملائه وأذنابه ، وعندها لن تقوم بعد ذلك اليوم قائمة لدولة فارس ، لأنها كانت تعتبر الشام بوابتها للتغلغل إلى أرض العرب والمسلمين ، لإعادة إمبراطوريتها الفارسية وأحقادها المجوسية ... ولكن بإذن الله فإن الشام وجنودها وثوارها سيكونون السبب في انكسارها وزوالها ، ودفع خطرها وقصم ظهرها ، وإنهاء شرورها على جميع أرض العروبة والإسلام ... ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ... وعندها فيا بشرى لهم من تاج ... تاج عز ونصر وحرية وكرامة ، خير ألف مرة من تاج فارس الذي سيحطمونه ويرمون به إلى مزابل التاريخ .