الأدلة الشرعية في دعم الثورة السورية

عالم دمشقي:

إنه دين الفطرة لا فلسفة المتفيقهين

مقتطفات مختارة من مجلة الثورة السورية ‏(3)‏

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إننا كمسلمين نقف اليوم مشدوهين ومذهولين أمام هذه المواقف التخاذلية من العديد من الشيوخ الذين كان ينظر إليهم عوام المسلمين نظرة احترام حتى المدى القصير، وهم يصنفون ما بين: خائف على حياته وأهله، منتفع، عميل، خائف على مكتسباته، تائه فكرياً.. وكل هذه الأصناف يقوم النظام باستخدامها وتوظيفها لصالحه. وكلهم يستقي في دفاعه عن موقفه من  ثلاثة طروحات:

- إننا أمرنا بعدم الخروج عن الإمام  بأحاديث ثابتة يستدلون بما ورد في بعض الأحاديث من إطاعة الأمير (وإن أخذ مالك وضرب ظهرك وشتم عرضك..) وبأحاديث تحريم الخروج عن الإمام والأحاديث تقيد هذا بقول الرسول عن هذا الأمير أو الإمام (إلا أن تروا كفراً بواحاً..)  وبقوله تعالى في سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، بل ويقولون إن هذا ما اعتمده أئمة المذاهب.

- أو أنهم يوافقون النظام بروايته ويقولون إن النظام يحارب جماعات إرهابية وليس المظاهرات السلمية، وإن الذين يقتلون الناس الأبرياء والأطفال هم الجماعات الإرهابية 

- ومنهم من  يعتبر التظاهر بدعة أصلاً ويحرمه، فالصحابة لم يفعلوا هذا والرسول لم يشرع التظاهر، وكأن الرسول شرع رسائل الدكتوراه والماجستير وركب الطائرة وكل شيء في حياتنا المعاصرة شرعه بالنص، وطبعاً يطلبون دليل النص المباشر على هذه الإباحة ولا يعطون دليل نص التحريم المباشر المنقول عن الرسول مع أن الأصل في الأمور الدنيوية الإباحة بل وهي تساعد في نشر العدالة الني نادى بها الدين..

- ومن هؤلاء الشيوخ من يدعم كل ما سبق بعبارات ألبسها زي التأنق العلمي ويستخدمها في غير موضعها ووقتها ويقول: نحن ما نفتي بهذا (من تحريم التظاهر) إلا لأن التظاهر أو الخروج على الحاكم الجائر سيؤدي إلى سفك دماء المسلمين فنحن حقنا لدمائهم وحفظاً على المسلمين والأمة الإسلامية نقول هذا.

إننا هنا في مناقشتنا وتفنيدنا لهذه الأفكار والأدلة لن نستعرض تفاصيل أقوال المذاهب ورأيهم في (الإمام) الذي يجب أن يطاع وتناوله الحديث ولا الضمير المتصل (كم) الموجود في (منكم) من قوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فقد تناوله كثير من العلماء الأفاضل، وكذلك لن نتناول معنى كلمة (الخروج) في (الخروج عن الأمير أو الإمام) والواردة في الأحاديث ومن أنها الخروج المسلح وليس تتناول الاعتراض أو قول كلمة الحق في مواجهته، ولن نتناول (الكفر البواح الذي لنا من الله فيه سلطان) الذي يجيز الخروج عن الإمام، ومن أن (استباحة الدماء والأرواح) وتحريم الصلاة وبعض العبادات الرئيسة (في الجيش وغيره من المواضع) هو كفراً بواحاً أم لا، وطبعاً كل هذه أمور تناولتها كتب المذاهب الفقهية، كما إننا لن نتناول كون ذهاب مجموعة من الصحابة بشكل جماعي في عدة حوادث لمناقشة الرسول والاعتراض على مسألة ما من توزيع غنيمة أو وضع أمير على سرية هو مظاهرة أو احتجاج، وكذلك كون الآيات الصريحة في سورة الكهف ذكرت ثلة من الشبان الصالحين الذين خرجوا واعترضوا على الحاكم الظالم علناً أمام المجتمع برغم بطشه ثم اضطرتهم الظروف للهجرة، وكذلك لن نتناول كون النبي شعيب صراحة أمِرَ بالاعتراض على الفساد المادي الوجود، وهودٌ بالاعتراض على التجبر الموجود عند قومه عدا انحرافهم الديني، وكذلك لوط أتى معترضاً على انحراف قومه الأخلاقي، وهذه كلها احتجاجات تؤدي إلى اضطراب اجتماعي لفترة ما، وكذلك لن نتناول كون دعوة موسى لفرعون لجمع الناس للتحدي أمامهم هو نوع من لضغط على الحاكم عن طريق المجتمع والذي يشابه فعل التظاهر في الضغط على الحاكم عن طريق المجتمع. إن هذه الأمور على أهميتها وقدرها إلا أن أولئك - الشيوخ – يظلون في مكابرة وعناد، وإنني مع تقديري لها إلا أن هناك أموراً خطيرة ضمن تلك لأدلة السابقة التي يسوقها الشيوخ الداعمين للحكام تجعل الكيان الإسلامي عرضة لمهب الانتقادات والمهاترات.

فمن أجل ذلك عنونت هذه المقالة (إنه دين الفطرة لا فلسفة المتفقيهين) إن أولئك الشيوخ الذين تصدروا تمثيل الدين على مر السنين  لطالما نادوا بأعلى صوتهم واحتجوا بأن...