نزيف العقول
أبو همام
كان مشهدا مروعا ،هرول الناس وتجمعوا ،لم تأت سيارة الاسعاف بعد ،أخرج صديقي أدوات الاسعاف الاولية ،راقبته وهو يتفحص المصاب ،لم تكن هناك آثار لاصابات الا اللهم بعض الكدمات ،حمدت الله بصوت مسموع ،قال صاحبي "ربنا يستر " سألته هل توجد مشكلة ؟ !،اجابني :"أخشى ان يكون مصابا بنزيف داخلي ،
.من أخطر ماينتج عن الاصابات في الرأس حدوث نزيف في المخ ،فتتفجر الشرايين التي تغذيه بالاوكسجين
،والأخطر من ذلك ان يصاب العقل بالنزيف ،فتحدث السكتة العقلية ،ويتوقف امداد العقل بدماء الافكار الجديدة ،فلا يصل اوكسجين الابداع الى انسجة الحياة ،وربما تموت خلايا التفكير في دقائق ،ويموت الانسان ،وان ظن انه حي
ومن أسباب خطورة النزيف الداخلي أن صاحبه قد لايشعر انه مصاب ،فتتوهم المؤسسات والمجتمعات انها في قمة عافيتها ،ولكنها تنزف من الداخل ،وتعاني خللا في وصول الأفكار الى عقولها ،انها قائمة بهياكلها وأشخاصها ،لكن عقلها يحتضر
ان أعراض نزيف العقول كثيرة ،قد نتلمسها في اقوال وأفعال المصاب ،فعندما ينظر اليك شخص ما ويسألك "ما البديل " دون ان يتكبد عناء التفكير في البديل فاعلم ان عقله ينزف ،وعندما يجزم آخر "لايوجد حل للأزمة " بدلا من ان يقول "لاأعرف حلا للأزمة " ،فهو على خطر كبير ،و" لايوجد بديل ،لايوجد حل للأزمة ،ولاتحاول التفكير في حل "....و.......و اذا وجدت مثل هذه الحالات فلا تتردد في استدعاء الاسعاف ،فأنت امام"عقل ينزف "!
إن المجتمعات الحية تهتم بإسعاف العقول وتزويدها بأنماط التفكير السليمة ،وتحرص على ارتفاع منسوب التفكير لدى الأفراد ،ولابد من صيانة العقول ،فهل يحيا الجسد بدون عقل؟؟