ليلة أحرق البوعزيزي نفسه

د. إيمان البُغا

كان الوقت مساء , أردت أن أنام فسمعت أن البوعزيزي قد أحرق نفسه , فأمسكت بالورقة والقلم وكتبت " وليس على النعسان حرج " :

تعمل سياسة الاقتصاد العالمي على جعل شعوبنا المسلمة استهلاكية وتعمل في مجال الاستهلاك فقط أو التسويق .. وهذه مجالات محدودة , أبسط ما فيها من سوء أن المرء لا ينفع إلا نفسه , ولا يستطيع تشغيل غيره : يعني كل مين إيده إله .. ثم العمل بالوظائف على الرغم من خطورة اتساعها على حساب أمور أخرى .. حتى غدونا وغيرنا أيضاً أسوأ حالاً من الرقيق , فعلى الأقل : الرقيق مؤمن على رزقه طوال حياته ...

وماذا أقول أيضاً من كلام أنا لا أفهمه قبل غيري , أقول : لنبقَ هكذا .. طالما بقي ديننا وما فيه من أحكام في المرتبة الثانية من اهتماماتنا , وليس هذا فقط , بل ننظر إلى كل حكم نظرة رعب : نخشى من يقول لنا : هذا حرام .. وإذا قال : بحثنا يميناً وشمالاً عمن يفتي لنا : من تحليل يبيح لنا أن نكون .. إمممممم ... ثم إن المقاطعة تحتاج إلى فتوى : على أن يجهز نفسه من يفتي بها إلى مليون مجادل ... علماً أن الفطرة تقضي بها مع الصديق قبل العدو ...

ولا ننسى البحث عن التخصص الماشي سوقه , ولو كان في تعلم لغة لا يحتاج تعلمها إلى شهرين , لنعلمها لمن يريد أن يعيش على راتب : ويحسن الحديث بلغة الخدم .. أو التخصص في السمسرة باللغة الدارجة .. أو في غسيل الملابس والسيارات .. وكله إلا التقدم ومسايرة العصر : فلنتقبل الفقر : ليش زعلانين

أما لغة العصر واهتمامات العصر فلا خلاف فيها : تبدأ من الآثار وأهميتها إلى الفتبول وحضارته مروراً بآيات الإبداع في الفن ..

وخاصة أن الآثار يا جماعة تشجع السياحة : لأن آلهة الأرض التي حكمت بأن بلادنا زراعية في السابق وليست صناعية , تريدنا أن نجعل بفخر بلادنا سياحية , وفي هذا خير كثير : لنستبدل بالمعامل الفنادق , ويشتغل الشباب كراسين : صبيان مطاعم ولا فخر , وبناتنا راقصات أو مرشدات سياحة بكرافة , وإياكم أن تتحدثوا عن الاختلاط وحرمة ما بعرف شو .. فإن آلهة السياحة العظيمة ستغضب , ولا ننسى وظيفة أخرى : وهي النبش عن كل حجرة قديمة من الزمن الروماني , ولو أنه كذب ما لو روماني , حتى ما يزعل أهل روما ثم ... لروح نام أحسن , على الرغم أنه ليس عندي مصنع.... هههههههه

وقبل أن أنام سأشتم كل من يملك مالاً ولا يقيم منشأة خيرية لتوزيع الوظائف فقط , وعليه أن يستورد اليافطات قبل البداية من أجل حفل الافتتاح ...

ولن أنسى الفضل قبل هذا كله : لمن يذكي فينا السلوك البسكويتي الحضاري في التعامل مع الأشياء , وتقبل الرأي والرأي الآخر , وإذا لم تجد رأياً آخر فابحث عنه لتكون كشخة ( جخة عند أهل الشام ) محترم , أما نظرة الإسلام إلى الأعمال والأشياء وكيفية التعامل معها : فتحتاج إلى تجديد لأنها لا تواكب العصر , رغم أننا لم نعرفها بعد : فهي تئن تحت الغبار , ولكنها المستجدات على الساحة تفرض علينا هذا .. فإياك وما قال الشافعي وأبو حنيفة وكل من سار خلفهما : لأنهما يتكلمان بروح عصرهما , ولو أنهما عمليان.. وفي زماننا مربون علم نفس : هم أقدر على الخطاب .. وعلى اختراع مشاريع : تملأ وقتي الضائع , وخاصة أوراق العمل والكورسات التي تعلمني الوصول إلى القمة : علماً أن القمة معجوقة وملجوقة ..

بصراحة غفلت نهائياً .. و .. و ..ودا ... ودا ..عاً .. تصبحون على خير

لحظة : هذا القسم الأول , والثاني سيأتي بعد النوم .. قولوا : إن شاء الله