سر الزواج وحكمته للمنفلوطي

سر الزواج وحكمته

للمنفلوطي

مريم سيد علي مبارك/الجزائر

[email protected]

إن الضجر والسآمة من الشيء المتكرر المتردد طبيعة من طبائع النوع الإنساني فهو لا يصبر على ثوب واحد أو طعام واحد أو عشير واحد، وقد علم الله سبحانه وتعالى ذلك منه، وعلم أن نظام الأسرة لا يتم إلا إذا بني على رجل وامرأة تدوم عشرتهما، ويطول ائتلافهما، فوضع قاعدة الزواج الثابت ليهدم بها قاعدة الحب المضطرب، وأمر الزوجين أن يعتبرا هذا الرباط رباطا مقدّسا حتى يحول بينهما وبين رجوعهما إلى طبيعتهما، وذهابهما في أمر الزوجية مذهبهما في المطاعم والمشارب، من حيث الميل لكل جديد، والشغف بكل غريب.

هذا هو سر الزواج وهذه حكمته، فمن أراد أن يجعل الحب قاعدة العشرة بدلا من الزواج، فقد خالف إرادة الله وحاول أن يهدم ما بناه ليهدم بهدمه السعادة البيتية.

أي امرأة متزوجة بأجمل الرجال لا تحدّثها نفسها في استبداله بأجمل منه ؟ وأي رجل متزوج بأجمل النساء لا يتمنى أن يكون في منزله أجمل منها، لولا هذا الرباط المقدّس: رباط الزوجية، فهو الذي يعيد إلى النفوس الثائرة سكونها وقرارها.

إذا كان كل زوج  يفر من زوجته كلّما وقع في نفسه الضّجر منها وبرقت له بارقة الأنس من بين ثنايا امرأة اخرى، فويل لجميع النساء من جميع الرجال، وعلى النظام البيتي والرابطة الزوجية بعد اليوم ألف سلام.

لا بأس أن يتثبت الرجل قبل عقد الزواج من وجود الصّفة المحبوبة لديه في المرأة التي يختارها لنفسه، ولا بأس أن تصنع المرأة صنيعه، ولكن لا على معنى أن يكون الحب الشهوي هو قاعدة الزواج، يحيا بحياته ويموت بموته.فالقلوب متقلّبة، والأهواء نزّاعة، بل بمعنى أن يكون كل منهما لصاحبه صديقا أكثر منه عشيقا، فالصداقة ينمو بالمودّة غرسها، ويمتدّ ظلها، أما الحب فظل ينتقل، وحال تتحوّل.

كلام لا يموت ..مقتبس من رائعته النظرات