أشد وطأة من الجاهلية الأولى تطبق في سورية الآن

أشد وطأة من الجاهلية الأولى

تطبق في سورية الآن

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عندما كنا نقرأ أساليب تعذيب الصحابة الكرام على أيدي كفار قريش كنا نبكي من الألم وعندما صورت بأفلام سينمائية وشاهدناها تمثل بواقعيتها كان قلبنا ينفرط ألماً على تلك المشاهد المروعة  , ولكن ومع هذا كله نجد مواقف من بعض مشركي قريش  تقف بالمرصاد لتلك المواقف المشينة كفك الحصار عن المسلمين في شعاب مكة من قبل أحدهم , ودخول الرسول صلى الله عليه وسلم في حماية أحدهم عندما حاول المشركون منعه من دخول مكة

وكنموذج حي في ذهن كل مسلم عن التعذيب الذي تعرض له بلال رضي الله عنه , عندما كان المطلوب منه كلمة واحدة فقط وهي : قل هُبل , فكان يقول أحد أحد وهو عبد مملوك يباع ويشترى

وبعد أكثر من ألف وأربع مائة عام على تلك الأحداث تعاد اليوم في سورية  وبنفس الصيغة , فعليك أن تقول هبل هبل وتحت النعذيب والضرب والعفس بالأرجل وتسجد لهذا الهبل الجديد , وحتى لو قلت هبل يستمر التعذيب والقتل

في هذا الفيلم والذي كان يعرض على الجزيرة طيلة هذا اليوم , وكيف يعامل مجموعة من الجنود السوريون المعتقلين وهم داخل الحافلة , بالضرب والشتائم والهتك والتعذيب , في مقابل قول كلمة هبل , ومع انصياع المعتقلين للترديد , ولكن يستمر التعذيب

فعمار ابن ياسر رضي الله عنه عندما قال هبل تركوه ومن ثم عاد وقلبه مطمئن بالإيمان

فلو نظرت لوجوه هؤلاء الشياطين والمرقطين والحقد المرسوم على وجوههم والمنطلق من داخلهم العفن , والذي ينفذونه على هؤلاء الشباب من الشعب السوري لقلت ومتأكداً من داخلك أن هذا الحقد لايمكن أن يكمن في داخل شخص ما إلا عندما يكون منطلقاً من عقيدة راسخة في داخلهم تنظر للآخر على أنه ليس لأنه مخالف لرأي أو ضد نظام يمثله ذلك الجندي , وإنما ينفذ على أساس حقد متجذر في داخل نفوس هؤلاء الجنود

ولسان حالهم يقول لهؤلاء المعتقلين وتصرفاتهم إننا سنجعلكم تؤمنون بعقيدتنا وتحت التعذيب المميت وحتى لو آمنتم بذلك فمصير أجسادكم ولحمكم هي طعام لنا ودماؤكم هو شرابنا المفضل

والغريب في الأمر أن ترك اللحية ممنوع في الجيش السوري بينما هؤلاء لهم لحى شياطين , فلو قلنا عنهم إيرانيون أو من حزب اللات في لبنان , ولكن هل من هم على مثيلهم من السوريين , لايؤمنون بذلك ؟

فهؤلاء ليسوا في لبنان ولا في إيران وإنما على تراب وطنهم وكأنهم أسرى من دولة عدوة , وحتى الأسرى في الحروب لايعاملون بهذه المعاملة , ومع أن اسرى الحروب كانوا مقاتلين ويحملون سلاحاً وهدفهم قتل هؤلاء , بينما الموجودين في الحافلة من خيرة أبناء الوطن ولا يريدون إلا الحقوق الإنسانية والتي أقرتها شرائع الأرض والسماء

فالشعب السوري أصبح امام خيارين لاثالث لهما ,:

الخيار الأول ان تعتنق الديانة الجديدة وتعبد هبل المتمثل ببشار وإن لم تفعل فيقع عليك كل انواع العذاب حتى تخرج من هذه الدنيا ميتاً مقطعاً ممزقا

والخيار الثاني رفض هذه العقيدة الجديدة والتصدي بكل الوسائل الممكنة مهما بلغت التضحيات , حتى يمكنه ذلك من الحصول على إنسانيته وحريته في اختيار عقيدته ودينه , وليس عقيدة وثنية مفروضةعليه تم الكفر فيها منذ آلاف السنين , فغالبية الشعب السوري شعب مسلم أومسيحي عقيدته الإيمان بالله واليوم الآخر , وهل من الممكن فرض هذه العقيدة وهي عبادة شخص يسمى بشار الأسد ؟

لم يحصل في تاريخ البشرية اعتناق عقيدة دينية بالإكراه وتحت القتل والتعذيب , فإن مارس التقيا فيها خوفاً على نفسه فترة ولكنها تظهر مرة ثانية عندما يزول الخطر المحدق فيه

فيأمرون بالسجود لصورة ويقولون عن أنفسهم ظفر في قدم الإله بشار وفي أي مكان تدوس رح نركع وانبوس , ومن لايؤمن بذلك فالموت وتقطيع وتمزيق الأجساد مباح , ولذلك يحرقون المصاحف ويدنسون المساجد ويحرقون الكتب ويقتلون العلماء , ليحل محل عبادة الله الواحد عبادة بشار الأسد

أليست هذه أشد وطأة من الجاهلية الأولى ؟

 فعلى الأقل أصحاب الجاهلية الأولى كانوا يحملون في داخلهم مكارم أخلاق فاضلة , أما هؤلاء فلا يحملون منها شيئاً , وكانوا يقولون عن هبل واللات والعزى هي واسطة بينهم وبين الله , بينما هؤلاء يقولون بشار هو الإله.