يلفون ويدورون ونحن نستجيب
جميل السلحوت
انحياز الادارة الأمريكية الأعمى لاسرائيل، لا يتوقف على الدعم في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية ...الخ فقط، بل يتعداها الى الاتفاف على الشرعية الدولية ، وعلى القانون الدولي، وعلى قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، وعلى حقوق الانسان، وعلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، فكل القوانين والاعراف تتوقف عندما يتعلق الوضع باسرائيل، وحتى الرئيس الأمريكي يرفع يديه مستسلما أمام الإرادة الاسرائيلية، ولن يكون الرئيس الأمريكي أوباما الأخير كما أنه ليس الأول من بين الرؤساء الأمريكيين الذين تراجعوا عن طروحاتهم ومبادئهم أمام التعنت الاسرائيلي، ولم يعد خافيا على أحد أن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي المحتلة ما كان ليستمر كل هذه العقود لولا الدعم الأمريكي اللامحدود لسياسة الحكومات الاسرائيلية التي تكرس هذا الاحتلال....ولولا أن القادة العرب لم يجرؤوا على قول"لا"أو "كفى" للادارة الأمريكية، بل ان غالبيتهم استجابوا لضغوطاتها كافة من أجل تطبيع العلاقات مع اسرائيل المحتلة.
وأمريكا واسرائيل اللتان تشعران بالحرج الكبير من نيّة السلطة الفلسطينية في التوجه لمجلس الأمن الدولي لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة في سبتمبر القادم، وعند استعمال الفيتو الأمريكي ضد ذلك-وهو في حكم المؤكد- فانه سيتم التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة مما يضع امريكا واسرائيل في مواجهة أمام دول وشعوب العالم...فان امريكا تبذل جهودا مكثفة من أجل ثني السلطة عن اكمال نيتها بالفعل، وتمارس ضغوطاتها على السلطة وعلى المجموعة العربية للتراجع عن ذلك، فقد قال مصدر أمريكي مسئول أن وزارة الخارجية الأمريكية "قطعت شوطاً مهماً نحو إقناع الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي للعودة إلى المفاوضات الجادة، وأن هذه الجهود تشمل دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو كبار مفاوضيه إلى واشنطن على أرضية عرض جدي يقوم على الإطار الذي طرحه الرئيس أوباما في أيار الماضي"...و"الاقناع" الأمريكي واضح انه يقوم على المساواة بين الضحية والجلاد، وسيضغط نتنياهو من اجل الاعتراف العربي باسرائيل كدولة يهودية، وما يترتب على ذلك من متطلبات قد تصل الى طلب تعويضات من الدول العربية عن حروبها السابقة مع اسرائيل، وقد يستجيب نتنياهو فيوقف الاستيطان اعلاميا لأسابيع حتى تمر زوبعة سبتمبر، وهذا سيساعده ايضا بالتغلب على امكانية اللجوء الى انتخابات مبكرة للهروب من طلبات مئات الآلاف المحتجين على سياساته الاقتصادية...وسيعود بعدها بطريقة اكثر شراسة من قبل.
والمتابع لطروحات وأفكار وسياسات نتنياهو لن يحتاج الى كثير من الذكاء ليجد أنه لا يمكن أن يعطي السلطة الفلسطينية أكثر من ادارة مدنية على السكان وليس على الأرض، فسياسة الرجل تقوم على التوسع، ويؤمن بأن ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط لا يتسع الا لدولة اسرائيل وحدها، وأن دولة الفلسطينيين يجب ان تقوم شرقي النهر في الأردن التي تربطها باسرائيل معاهدة سلام...فهل ستواصل السلطة الفلسطينية ومجموعة الدول العربية طريقها الى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة في سبتمبر القادم، أم أنها ستقدم خدمة مجانية لنتنياهو وحكومته، ولإدارة أوباما؟..وبالتأكيد فان أوباما سيعطي للعرب وعودا وردية، وسيجد لنفسه مبررات للتراجع عن هذه الوعود، خصوصا وأن العام القادم سيشهد التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهي مبرر كاف له من أجل الحصول على دعم اللوبي اليهودي.