لقد أصبح عمري خمس وخمسون سنة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

للتذكير وليس للذكرى ياصاحبي أتعرف أن عمري الآن أصبح نصف قرن وفوقه خمس سنوات !!؟؟؟

فأجابني مصطفى وماذا يعني هذا ؟

أتريد أن ادعو الله أن يمد في عمرك وقالها مبتسماً

فقلت له ولما لا ولكن أعتقد أن الدعاء فيما يخص إطالة العمر لايقدم ولا يؤخر , وحيث أنه لكل أجل كتاب ولكن لم أقصد هذا

مصطفى ومالذي تقصده من ذكر كم بلغت من العمر مع أنني أعرف  مولدك وتاريخه بالضبط ؟

اسمع سنبحر سوية في محطات تاريخية فاصلة , من زمان البشرية , ونعود في البداية لرقم أربعين , أو مرور أربعين سنة على حدث معين

فلو تطرقنا في القدم وعرجنا على حياة النبي موسى عليه السلام , نلاحظ أن ميقات ربه معه كان أربعين يوماً , وعندما عبر البحر الأحمر مع قومه وطلب منهم دخول الأرض المقدسة أي فلسطين , كان جواب قومه له ادخل أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون , فعاقبهم الله بذلك أن تاهوا في سيناء أربعين عاما , وخلال تلك المدة كان موسى عليه السلام وأخوه هارون قد انتقلا لرحمة الله تعالى

مصطفى هذه قصة معروفة ولكن مالذي تقصده من عرضها وسردها لي ؟

لاتستعجل ياصاحبي

أتعرف ياصاحبي أن محمد عليه الصلاة والسلام عندما تلقى الوحي لأول مرة , فقد كان عمره في حينها أربعين سنة ؟

مصطفى نعم أعلم ذلك لأن الرجل يكون في هذا العمر كامل الرجولة والعقل ويصبح تفكيره محاطاً بالعقلانية وعدم التهور

وهل تعلم أن دولة القرامطة استمرت أربعين سنة , والتي قامت على أساس طائفي تمثل أقلية في الوطن العربي ومن ثم انتهت ؟

أعلم ذلك , ولكن مادخل عمرك هذا بكل هذه التفاصيل ؟

لاتهتم سوف تعرف لاحقاً

بنو اسرائيل والذين غضب الله عليهم وتاهوا في صحراء سيناء , احتاجوا زمناً قدره أربعين سنة حتى خرج من أصلابهم جيلاً فتياً ومؤمناً وقويا , ليدخلوا الآرض المقدسة , ويبنوا دولتهم فيها , وهم أبناء وأحفاد أولئك الرعيل والذين جبنوا وخافوا من لقاء الأعداء وتحرير الأرض المقدسة

لن نذهب بعيداً الآن , ففي ليبيا قامت الثورة ضد القذافي بعد اثنان وأربعين عاماً

وفي سورية انطلقت الثورة فيها بعد حكم عائلة الأسد بأربعين عاماً

فلو قارنت بين هذه الثورة وثورة الثمانينات ضد النظام الأسدي , لوجدت الفارق شاسعاً جداً

في الثمانينات مع أن القتل والإجرام كان يفوق الوقت الحالي ولكن بقيت الثورة محصورة بطرف صغير من المجتمع السوري , كانت هناك بطولات رائعة , هذه البطولات هي السلسلة المتصلة لبناء الجيل الحالي مع بطولات فردية سابقة تأصلت جذورها لتظهر جلية في هذا الجيل الرائع والذي أبهر العالم وجعله ينظر بإعجاب لهذا الشعب الحر الأبي , والذي تحدى العمالقة والجبابرة وكل وسائل القتل والإجرام بهتافات وخروج للشوارع والمظاهرات لجعل الوطن السوري يعود لأصله الحقيقي في العطاء والحرية والخير والسلام مع الجميع

قبل أربعين سنة كان عمري خمسة عشر عاماً , فمن أصلابنا وأحفادنا خرج هذا الجيل , وبه تتم دورة الحياة في وجود هذا الجيل والذي سيزيح عن كاهله الذل والخنوع والعبودية وسينتصر قريباً بإذن الله تعالى

فابتسم مصطفى لهذه الكلمات وكأن كلماتي تلك أذهبت كل  الذي في داخله من اليأس  وتلا قول الله عز وجل

(ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لاتشعرون)

صدق الله العظيم