ثورة الزيتون في أيلول
د. عصام مرتجى- غزة
[email protected]
أكثر من مئة سفير فلسطيني انطلقوا يجوبون العالم يحملون أغصان الزيتون الدامية من أرض النبوات والرسالات السماوية ليناشدوا العالم أن يقفوا لجانب شعبنا في استرداد جزء من حقه المغتصب في فلسطين السليبة ويناصروا قضيتنا العادلة .
الثورة الفلسطينية التي بدأت بعاصفة الكفاح المسلح وبالرصاص لتقاوم النكبة وتصحح البوصلة التي عطبتها النكسة، هذه الثورة الفلسطينية العظيمة تجوب اليوم بقاع الأرض تحمل أغصان الزيتون لتنشد وقوف شعوب العالم لجانب شعبنا الفلسطيني المظلوم.
ينطلق سفرائنا عبر العواصم العالمية وكأنها يد القائد العظيم الشهيد عرفات التي مدها للعالم تحمل غصن الزيتون أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 13/11/1974 مخاطبا دول العالم "جئتكم حاملا غصن الزيتون بيدي وبندقية الثائر بيدي الأخرى , فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي ... لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي" .
إن غصن الزيتون الذي حمله الشهيد عرفات للأمم المتحدة عام 1974رمزا لمحبة ورغبة شعبنا للعيش بأمان وسلام في أرضه ووطنه ... يحمله اليوم سفراؤنا عبر دول العالم بعد مضي سبعة وثلاثون عاما من خطاب القائد الشهيد أبا عمار، وبعد سنوات طويلة من تاريخ كفاحنا الصابر الذي تعاطي وبجدية مطلقة مع المسعى السلمي لحل القضية الفلسطينية و تجاوب مع ضغوطات دول العالم علينا لقبوله والتعاطي معه... وبعد سنوات مريرة وعسيرة من الدوران في فراغ المفاوضات مع المحتل الغاصب وبعد سنوات من
نشر النشارة وطحين الطحين وطبخ الماء ... في مفاوضات لم تُفضي إلا لصفر كبير تكلل بمآسينا ... فيما يبتلعون الأرض بالمستوطنات ويرتكبون بحق شعبنا أبشع الجرائم..!! اليوم يتوجه سفرائنا للعالم أجمع ليحملوا لهم رسالة شعبنا الصامد بأن قفوا مع قضيتنا لتكون دولتنا وعودتنا وقدسنا .... ولا تسقطوا من يدنا غصن الزيتون الذي وعدتمونا بأنه طريق الخلاص والحرية.!
اليوم يقف عدونا الذي اغتصب أرضنا وسفك دمائنا ويقضم الأرض التي بقينا متجذرين فيها وتشبثت بها جذور زيتوننا مثلنا ، يقف ليهدد هذا العدو المحتل الغاصب بأنه سيلغي اتفاق أوسلو ليعاقب شعبنا أكثر ... وسيحاصرنا أكثر... وسيقتلنا أكثر ... لو بقينا مصممين على ذهابنا للأمم المتحدة لننشد حقنا ونحن نحمل أغصان الزيتون ؟!! و أمريكا تعاضد وتساند المحتل بالتهديد وبالوعيد والضرب الشديد ؟؟!
فهل سيسمح العالم لأن يسقط الغصن الأخضر من يدنا ؟!!
من هنا نقول بأن على سفرائنا الذين يخاطبون العالم باسم شعبنا أن يتذكروا أنهم مقاتلون باسم قضيتنا ، وأن يتحدثوا بدبلوماسية الثائر... وأن وقفتهم أمام العالم يجب أن تكون بمستوى وقفة الشهيد عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل سبعة وثلاثون عاما ، وان يقولوا للعالم بان الثائر الذي جاءكم يحمل غصن الزيتون ... لا زال يحمل بيده الأخرى البندقية التي تقاتل بحق وبشرعية تكفلها عهودكم ومواثيقكم التي شرعتموها ولم تنصفونا بها طوال نكبتنا ... ومن حقنا أن نقاتل بها
وبكل الوسائل لنطرد المحتل عن أرضنا ووطننا إن انتم خذلتمونا... وأننا جئناكم بثورة الزيتون في أيلول ، فمن يسقط من يدنا غصن الزيتون الأخضر ... فعليه أن يتحمل نار زيتنا ... وأن من سيبكي على اتفاق أوسلو هو المحتل الذي ينعم الآن بثماره ، ولم يجني شعبنا منه سوى علقم الحصار والاستيطان والذبح المنظم للأرض والإنسان. ...ولن نظل نطلب الزرع من الريح ...
وفي الختام نقول لا خير بيمين دون يسار ، ولا خير في زيتوننا وزيتنا إن لم يضيء سراج أقصانا ويضيء الديار ... ونقول بان يد الشهيد عرفات الممدودة منذ سبعة وثلاثين عاما بغصن الزيتون لا زالت تساندها وتعاضدها بيده الأخرى البندقية و شعلة النار... وكما يقول شاعرنا الكبير محمود درويش وهو يغني للصمود :
لو يذكر الزيتون غارسه ..... لصار الزيت دمعا ! .... يا حكمة الأجداد ... لو من لحمنا نعطيك درعا ! ... لكنّ سهل الريح، لا يعطي عبيد الريح زرعا ! ....إنّا سنقلع بالرموش ، الشوك والأحزان ... قلعا! .... وإلام نحمل عارنا وصليبنا! ... والكون يسعى...سنظل في الزيتون خضرته، ... وحول الأرض درعا !!