اللغة العربية مرتبطة بالقرآن الكريم
رغم أنف خبراء ندوة
مركز ابن رشد للدراسات اللغوية
محمد شركي
المعهود في موقع هسبريس هو النيل بطرق خبيثة من كل ما له علاقة بالإسلام ، وحاله مع الإسلام كما يقول المثل العامي : " كمن يقتل ويمشي في جنازة القتيل " ذلك أن هذا الموقع يتظاهر بطرح قضايا الإسلام إلا أنه يدس له السم في الدسم . ومن المقالات التي نشرها يوم أمس مقال تحت عنوان " خبراء مغاربة يدعون إلى بلورة تصورات لتطوير اللغة العربية " ويقصد بهؤلاء الخبراء : عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ، ورئيس مركز الدراسات الأندلسية المغربية ، والأمين العام للمجلس الوطني للتربية والتكوين .
ولقد بدا هؤلاء الخبراء وكأنهم مشفقون من خطر داهم يهدد اللغة العربية إلى درجة استعمال عبارة اندحارها . ومما جاء في هذا المقال من بوائق قول منسوب إلى الأمين العام للمجلس الوطني للتربية والتكوين ومفاده أن التدافع الاجتماعي في المغرب نتج عنه " بروز اتجاه متعصب للغة العربية يضفي عليها القداسة ويربطها بالقرآن ". وهذا نموذج من نماذج السم المدسوس في الدسم الذي يسوق له موقع هسبريس . ومن أجل التمويه على هذا السم نشر الموقع مقالا آخر لمقرر أكاديمية المملكة ورد فيه أن الدفاع عن اللغة العربية واجب شرعي . ومعلوم أن اللغة العربية مرتبطة بالقرآن الكريم رغم أنوف الخبراء من أمثال الأمين العام للمجلس الوطني للتربية والتكوين ، ويشهد على ذلك القرآن نفسه من خلال نصوص امتدحت كلام الله عز وجل ، وامتدحت معه اللسان العربي الذي نقله للبشرية قاطبة .
ومن النصوص القرآنية المؤكدة لارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم قوله تعالى : (( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )) وقوله أيضا : (( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) والملاحظ أن الله عز وجل وصف اللسان العربي بالبيان تماما كما وصف كتابه بذلك ، وهو ارتباط بين كلام الله عز وجل والوعاء الذي جاء فيه . ومعلوم أن اللغات أوعية الكلام ، وأن كل إناء بالذي فيه يرشح كما يقول المثل العربي ،وعليه لا يمكن الفصل بين اللغة العربية والقرآن الكريم . والحديث عن تطوير اللغة العربية عند البعض إنما هو محاولة لتبرير العجز عند من يستعملها ذلك أن اللغة التي استوعبت كلام الله عز وجل وهو عبارة عن حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه قادرة على استيعاب ما دونه من كلام البشر المحتمل للحق والباطل .
وليس من التعصب تقديس اللغة العربية باعتبارها الوعاء الناقل لكلام الله عز وجل المقدس ، وليس من التعصب أيضا ربطها بالقرآن الكريم ، وقد ربط الخالق سبجانه بينهما . ولا يخفى أن الذين يصرون على الفصل بين اللغة العربية والقرآن الكريم إنما يصدرون في ذلك عن خلفية لا تخلو من خبث ومكر لأن محاولة الفصل بين اللغة العربية وكلام الله عز وجل هو جعلها في وضعية تسهل التجاسر عليها والعبث بها تحت شعارات التطوير والتجديد .... من أجل إفراغها من خصائصها ومميزاتها التي جعلتها أهلا لنقل كلام الله عز وجل بدقة متناهية شهد الخالق سبحانه وتعالى بها . ويراهن المتحاملون على الإسلام تحت مختلف الشعارات وبمختلف الأقنعة على عزله وتهميشه عن طر يق فك ارتباط اللغة العربية به . ومعلوم أن اللغة العربية قد شملها الحفظ الذي وعد الله عز وجل به كلامه ، ولا يمكن أن تندحر كما يزعم البعض ما دام كلام الله عز وجل يتلى في الناس . ولا يمكن قياس اللغة العربية على لغات أخرى سبق لها أن نقلت كتبا سماوية فصارت في شبه المنقرضة ، لأن حال الكتب السابقة لا يقارن بحال القرآن الكريم . ولن تصير اللغة العربية إلى ما صارت إليه غيرها من اللغات التي صارت شغل الرهبان والحاخامات لا شغل الناس جميعا .
ولا يمكن تبرير عجز استخدام اللغة العربية في مختلف المجالات باتهامها بالقصور ، ومن ثم القول ببلورة تصورات لتطويرها ، ذلك أن اللغات كلها بما فيها اللغة العربية عبارة عن أوعية تستوعب ما يودع فيها ، لهذا فالمشكل لا يكمن في الأوعية بل فيما يودع فيها . فإذا كان المنتسبون إلى العربية يعانون من تخلف في المجالات العلمية فلا يقع اللوم على وعائهم اللغوي بل عليهم . ومن سخف الكلام الحديث عن إحداث تغييرات في بينة اللغة العربية الصرفية والنحوية بذريعة تطويرها أو تطويعها لتستوعب المعارف والعلوم ، وقد أثبتت استيعابها لأجل العلوم وأقدسها على الإطلاق ، ولا زال العلماء ينطلقون من هذه العلوم لمعرفة ما خفي من أسرار الكون ، ويؤكدون إعجاز القرآن الكريم ومعه إعجاز اللغة العربية رغم أنوف خبراء ندوة مركز ابن رشد للدراسات اللغوية الذين أرادوا أن يجعلوا من ندوتهم بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية مأتما لنعي اللغة العربية التي ستبقى ما بقي كلام الله يتلى في الناس إلى قيام الساعة . ولئن أنكر أو كفر هؤلاء الخبراء بهذه الحقيقة ، فإن الله عز وجل يقول في محكم التنزيل : (( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين )) . وصدق مقرر الأكاديمية الذي قال إن الدفاع عن اللغة العربية واجب شرعي.