ألف ياء

ألف ياء

يسري الغول

[email protected]

أرسل لي صديقي عبر الفيس بوك رابطاً لموقع ألف ياء، وقد كنت أظن أن ذلك الموقع هو تلك المساحة التي تشرف عليها صحيفة الزمان بلندن فتنشر من خلاله جميع الأعمال الأدبية والفنية والسينمائية التي تنشرها في الجريدة ذاتها، لذلك لم أعبأ بالأمر لأنني أتابع الموقع بشكل دوري، وعندما عاود صديقي مهاتفتي أخبرني بمبادرته الجديدة وموقعها ألف ياء؛ فابتسمت وشددت على يديه بأن يستمر ووعدته بأن أدفع بالتعريف بمبادرته تلك وموقعه الجديد ألف ياء.

ألف ياء مبادرة شابة جديدة متميزة تسعى إلى صناعة الوعي والفكر والثقافة إلى جانب الربح القليل من خلال البيع الورقي للكتب بطلب الكتروني، حيث تقوم تلك المبادرة بالتعريف بالكتب الموجودة ضمن مشروع ألف ياء ومن ثم توصيلها للمهتمين والباحثين والأدباء. وقد نجح القائمون على ذلك المشروع بتقديم عروض رائعة للكتب المتميزة والنادرة والغير متوفرة في البلاد بفعل الحصار. كما ويسعى القائمون على تلك المبادرة إلى شراء وتسويق أي كتب أخرى من خلال موقعهم مع الاحتفاظ بجزء من الربح لاستدامة مثل تلك المشروع. وهناك توجه لبيع الكتب المستعملة والتي يندر تواجدها في المكتبات إلى جانب موازاة هذه المبادرة بجملة فعاليات، كصالونات أدبية، وصالونات تبادل كتب والتفكير بما هو أكبر من ذلك من الدفع بعمل مهرجانات ومعارض كتب يشرفون عليها بالتعاون مع الجهات الرسمية وغير الرسمية.

وبالعودة إلى الوراء قليلاً، فإن أصحاب هذه المبادرة وعلى رأسهم السيد محمود الغفري هم أصحاب مبادرات متميزة سابقة ولعلها امتداد لمبادرة اصنع قارئاً التي كان من روادها الشهيد ساجد حماد أحد الذين كانوا يحاولون صناعة الحياة في أروقة المكتبات العامة والتي تعاني من ندرة المرتادين في زمن صارت فيه الأوضاع الاقتصادية ولقمة العيش الشغل الشاغل للشباب، بالإضافة إلى توفر عوامل التكنولوجيا التي زادت من نفور المجتمع من الكتاب وتوجهه للمسموع والمرئي على حساب المقروء.

إن مبادرة ألف ياء بحاجة لتحفيز ودعم رسمي وأهلي، وإن المجتمع بحاجة لدعم وتحفيز القراءة التي بها تحيا الأمم، فما من أمة اهتمت بالفكر والإبداع إلا وأنتجت حضارة ونهضة لا تجاريها أي من الأمم. ولقد كان لنا في السابقين خير مثال، فسوق عكاظ والمعلقات إلى حسان إلى عباس ابن فرناس إلى ابن رشد وابن سينا والرازي وصولاً إلى ادوارد سعيد وجبرا جبرا والكثير الكثير ممن صنعوا لهذه الأمة تاريخاً عظيماً.  

ستظل القراءة شغلنا الشاغل حتى نرقى بمن معنا في سفينة الوطن، وستظل تلك المبادرات وتلك المقالات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية ناقوساً لأمة سخرت من جهلها الأمم. فلا مجال أن تبقى حالة الركود مستمرة في الوطن العربي الكبير، لأن الشباب اليوم يؤمنون بأن لا مجال للتراجع عن الإبداع والصناعة النهضة والحضارة.