أهمية نجاح الثورة السورية

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لن أتحدث كثيراً عن أهمية سورية من حيث موقعها الجغرافي والرابط الثقافي بين الشرق والغرب , ولا من حيث عراقة الشعب السوري عبر التاريخ الطويل من حياة البشرية , ولكن الذي يهمنا الآن هو أن نجاح الثورة السورية ستكون الضربة القاصمة لمشروعات وخطط صهيونية صفوية غربية تمعن في هذا الوطن منذ تاريخ طويل في إقصاء شعبها ا وأثرها على مستوى العالم وتطور الحضارة , والتي كانت عن طريق االإستعمار المباشر وزرع الكيان الصهيوني في المنطقة  . وتفتيته لدويلات متصارعة فيما بينها من قبل عملاء وضعتهم تلك القوى لتمرير مشاريعها وفي نفس الوقت فهي الخزان المالي لبنوكها ورفاهة شعبها , على حساب إفقار شعوب المنطقة وتهميشها

وتفاجأت القوى المسيطرة بثورة تونس ومن بعدها مصر واليمن وسورية وليبيا , معتمدين على مقالة كررها فلاسفتهم وكتابهم ومفكريهم بأن المجتمع الشرقي هو مجتمع يفضل العبودية على حياة الحرية , ولإثبات هذه النظرية دعموا هؤلاء الحكام دعماً ظاهرياً وباطنيا للوصول فيهم لدرجة أن اعتبروا أنفسهم آلهة ولا مجال لتغييرهم أو الإعتراض عليهم , وتثبت السنين أن هذه الشعوب هي عبارة عن عبيد محكومة من قبل حفنة من الطغاة والمستبدين , وانتهى على هذا الحد فلا خوف من هذه الشعوب , ولا خوف من حكامها على مصالح الدول القوية

وكانت بحق ثورة مصر أم الثورات في المنطقة , ولكن لاتكتمل الصورة في هذه المنطقة بالذات مالم ينضم لهذه الثورات هو قلبها النابض سورية  , فالثورة التونسية والليبية والمصرية  واليمنية نقول عنها ثورات داخلية بشكل خاص ولها أثر غير مباشر على المنطقة , لذلك تتركز الجهود حالياً على إفشال الثورة المصرية , ولكن الذي يثلج القالب أن الشعب المصري العريق مستمر في الجهاد للدفاع عن ثورته لتكتمل الثورة ويكون لها الوقع والأثر الكبير في التصدي للمخططات القادمة بالتعاون مع أخواتها في الدول الأخرى بعد نجاح الثورات فيها

تكمن أهمية الثورة السورية مقارنة بغيرها من الثورات في أنها سوف تكون ضربة قاصمة لمشروعات تفتيتية في المنطقة وتجزئة المجزأ إلى مجزأ أقل منه

فالثورة السورية ليست محصورة بين السلطة الحاكمة والثوار فقط , وإنما هو صراع يتجاوز هذه الحدود في الدولة الصغيرة , إلى خارج الحدود بكثير

فإعلان الحكومة الإسرائيلية عن إقرار قانون الدولة اليهودية في فلسطين المحتلة , قانون عنصري إقصائي بكل تفاصيله , هذا المشروع يرتبط بمخطط خارج الكيان هو تفتيت المنطقة المحيطة بإسرائيل لدول طائفية وعرقية

يقابله مخطط آخر منطلق من طهران يتناغم مع المشروع الصهيوني في الهلال الشيعي والتي تسعى طهران لضمه إليها , ورأس الحربة فيه هو حزب الله وأمل في لبنان , والنظام السوري في دمشق , مع التعاون بين المليشيات العراقية والمدعومة إيرانياً

فإصرار الثوار على ثورتهم ستكون الضربة القاصمة للمشروع الصهيوإيراني في المنطقة , وكذلك سيكون عنصر استقرار في العراق ولبنان , وضرب لأي مشروع تقسيمي في سورية على أساس قومي أو عرقي أو طائفي , وقد بدأت مظاهر الثورة واضحة للعيان في أنها ثورة لكل الشعب السوري , والثوار أسقطوا بثباتهم ووحدتهم وصمودهم البطولي , أنهم يريدون وطن لكل أبنائه في تأسيس دولة قائمة على أساس الدولة المدنية في العدل والمساواة والحرية

فنجاح الثورة وهي ناجحة بإذن الله تعالى والنظام ساقط لامحالة , ولكن لن تتخلى الأطراف المستفيدة من وجود النظام عن التصدي بكل قوة للثورة وفي نفس الوقت سيقابلها التحدي من الثوار , ستكون نتيجتها حتماً النصر للثورة , فمن المستحيل أن تسقط ثورة قام فيها شعب ضد حاكم مستبد , لذلك فعلى ثوار الثورة السورية أن يكون في اعتبارهم أن عدوهم قوي , وعليهم أن يتعاملو بمثل ذلك في أنهم هم الأقوى , وأن النصر قادم بإذن الله تعالى.