إلى أشباه الثوار

لا تزاودوا على دماء شهدائنا

م. عبد الله زيزان

[email protected]

في كل حراك شعبي في أي مكان في العالم تظهر شريحة من المجتمع تحاول التقاط زمام الأمر والصعود على ظهور الآخرين، محاولةً اقتطاف الثمار التي لم يكن لهم أي دور في زرع بذورها... وفي سورية لم تشذ هذه القاعدة البشرية... فسورية التي تشهد أضخم حراك شعبي لها منذ ما يقارب النصف قرن بدأت تظهر معالم هذه الشريحة وبصورة تزداد وضوحاً يوماً بعد الآخر...

إنهم الانتهازيون... أو الوصوليون... أو المتسلقون... أو... ضع ما شئت من الألقاب أو الأوصاف... وهذه الفئة موجودة في كل أنحاء العالم... لكن الوضع في سورية مختلف بعض الشيء... فهناك من وجد الثمار قد أينعت وقد سارع في اقتطافها... والواقع خلاف ذلك تماماً... فلا الثمار قد أينعت ولا موعد اقتطافها قد حان... فالثورة في سورية لا زالت في أوجها... والدماء في شوارع سورية لم تجف بعد... والقمع قد وصل إلى ذروته...

صحيح أن ميزان القوى يتجه الآن لصالح الشعب وأن انتصار الثورة قاب قوسين أو أدنى... لكن التسرع في قطف الثمار سيجلب العار على قاطفيها، وسيخرجهم مبكراً من المشهد السوري بعد الانتصار المرتقب...

نحن الآن في أمسّ الحاجة إلى اللُحمة والتعاضد... فالاختلاف والفرقة في هذه المرحلة بالذات سيكون له أثره السلبي في سرعة إنجاز أهداف الثورة... فهذه المرحلة تحتاج من الجميع الترفع عن الخلافات وتأجيل المناكفات السياسية إلى ما بعد انتصار الثورة، وحينها سيكون الشارع هو الحكم وسيختار ممثليه الحقيقيين...

فعجيب أن نرى شاباً يزعم (كاذباً) أنه من قادة الثورة، أو أنه من محركيها، ليبوء بمقابلة صحفية أو ربما منصب بسيط في تجمع أو لقاء...

وعجيب أن نرى مفكراً أو مثقفاً يحدث بلبلة أو يفتعل مشكلة ليتبين فيما بعد أن طموحه السياسي الشخصي يتناقض مع طرح معين أو فكرة مستحدثة ربما تبعده قليلاً عن وهج الكاميرات وحديث الإعلام...

وعجيب أن نرى تجمعاً أو حزباً (يدعي تمثيل فئة من الشعب) يشق الصفوف ويضعف النفوس لأجل كلمة أو شعار يخالف توجهه، وكأن النظام في سورية قد سقط، وكأن الدماء على الأرض قد خبت...

هؤلاء كلهم أشباه ثوار، بل عالة على الثوار، والثورة بدونهم بألف خير، وخروجهم من المشهد الثوري سيعجل بالنصر، فالنصر قادم لا محالة إن شاء الله بهم وبدونهم...

وهنا لا ننكر الطموح السياسي الذي قد يحمله أي سوري، فمن حق أي شخص أن يكون له طموحه السياسي لتطبيق رؤيته حول سورية المستقبل... لكننا ننكر التسلق والتسرع في وقت المواجهة مع أعداء الحرية في سورية... علماً أن مرحلة ما بعد سقوط النظام ستكون صعبة جداً... فالإرث الذي سيخلفه النظام لمن بعده ثقيل جداً ولن يكون من السهل لأي مجموعة أو حزب أو فرد أن يقود هذه المرحلة بمعزل عن كل مكونات الشعب السوري وفسيفسائه...

لكننا رغم كل هذه الجراح نقول: ما أروعك يا ثورتنا المباركة... فهي ثورة لا تكتفي بإسقاط نظام ظالم استبدادي... بل أبت إلا أن تكشف اللثام عن كل الانتهازيين ليتجنبهم الشعب في المستقبل... أبت إلا أن تزيل القناع عن سادة "المقاومة" المزعومة ليعرفهم العالم أجمع على حقيقتهم الأصلية... أبت إلا أن تفرز أعداء سورية عن أصدقائها من العرب والعجم...

وما يبعث على الأمل أن هؤلاء هم القلة، فهم كغثاء السيل... يبرزون على السطح، لكن الباطن مليء بالجواهر واللآلئ والحلي... فثوارنا في الداخل ممن يواجهون الرصاص بالثقة والعزيمة والإيمان لهم البقاء والعزة... وثوارنا في الخارج ممن يبذلون أوقاتهم وأموالهم وجزءاً من أمنهم الشخصي دعماً لإخوانهم في الداخل ولا يرجون من ذلك عوضاً ولا منصباً لهم الفخر والكرامة...

أيها السوريون توحدوا وليكن هدفكم إسقاط النظام ولا شيء غير إسقاط النظام....