استغلال المكتسبات الثورية السورية لصالح الثوار

استغلال المكتسبات الثورية السورية

لصالح الثوار

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

الحراك الحالي في سورية  والأزمة التي وصلت لها البلاد بعد الخامس عشر من آذار وحتى الآن , فقد كان الحراك أو لنقل الصراع بين طرفين , قوة بدأت ضعيفة على الآرض والتي انطلقت من درعا الحرة , ومن ثم تصاعدت لتلحقها معظم الأماكن على الخارطة السورية , وبين القوة المضادة الأخرى مع امتلاكها لكل عناصر القوة واستخدامها لهذه القوة بشراسة بوجود عدم المسئولية , جعل الصراع الوحشي من قبل مجرمي السلطة والتحرك السلمي من قبل عناصر الثورة , موقف تحدي بين الطرفين , وكلما زادت الجرائم كلما قابلها زيادة في الرفض على مستوى الشارع السوري

هنا دخلت أطراف خارجية منها فصائل المعارضة السورية في الخارج , والمجتمع الدولي , غالبية فصائل المعارضة حاولت الالتحاق بالثورة , وليست هي التي تقود الثورة , وكان نتيجة تحرك فصائل المعارضة في الخارج له نوع من الأثر الإعلامي المؤيد للثورة , وشرح القضية السورية للمؤثرين في سياسة الدول كالوفد الناتج عن مؤتمر التغيير في انطاليا وذهابه لروسيا , وكذلك مؤتمر باريس والذي أقسم المجتمعون في المؤتمر على مساعدة الثورة بكل الإمكانيات المتاحة لديهم وذلك بالتأثير على الرأي الأوروبي لرفع الغطاء عن النظام الحالي  وعرض جرائمه المرتكبة بحق المجتمع السوري

وعندما شعرت السلطة المجرمة في سورية بالخطر الحقيقي وأن كفة الميزان بدأت تميل لصالح الثورة , فأرادت أن تلعب لعبة جديدة في رفع كفتها في مؤتمر التشاور الذي عقد في دمشق أخيراً , وقد يلاحظ المتتبع لهذا المؤتمر ظهور بعض المتحدثين وهو عضو مجلس شعب يقول لابد من تفكيك القبضة الأمنية كما دعا لذلك الطيب التيزيني , وعرض مقترحات وتوصيات , وهنا يوجد احتمالين :وجود انقسام داخل النظام منهم من يؤمن بالحل السلمي وجناح آخر له نظرته الأمنية والممثلة على الأرض في الجرائم المستمرة , أو هو تمثيلية ممجوجة تذكرنا بمسلسلات ياسر العظم وانتقاده للواقع الموجود على الأرض , وهنا السؤال المطروح :

لو افترضنا جدلاً أن هذه التوصيات حقيقية , فمن الضامن لها لتنفيذها على الأرض ؟

قانون الطواريء رفع ولم يعد موجوداً , واعترف الشرع بأنه لم ينفذ

فهنا لابد من القول مالفائدة المرجوة من إلغاء المادة الثامنة من الدستور , وقانون جديد للإعلام في بقاء النظام الحالي , ونوعية الإنتخابات المقترحة ؟

 فالمجرمون هم السلطة والسلطة هي للمجرمين فقط , فأي فائدة ترجى من هذه التوصيات أو المقررات؟

لقد حاول أصدقاء النظام الأمريكيون والأوربيون وكذلك تركية , ومن الخفاء الدول العربية , حتى يجنبوا النظام السقوط وذلك من خلال الإستجابة لخطة طريق سلموها للنظام , ولكن النظام بدلاً من أن يستمع لنصائح أصدقائه والداعمين له , استمر في غيه وراهن على نجاعة تصرفه في أنه سيخمد الثورة ومن ثم تعود الأمور لمجاريها

عدم دخول معارضة الداخل في الحوار , ومن قبله زيارة السفيرين الأمريكي والفرنسي لحماة , وأهل حماة أفشلوا الخطة التي كان النظام يريد من المتظاهرين التصرف في أن يعتدوا على السفير الأمريكي وتكون مناسبة دعائية لهم في أنهم همج وعصابات مجرمة , ولكن عندما استقبل السفير الأمريكي بغير ذلك جن جنون المجرم ولم يبق أمام السفيرين إلا أن يتهموهم بأنهم قادة الثورة وهم سلفيون ومندسون

فما كان من النظام إلا أن عبر عن فشل خطته بأن أرسل أمنه وشبيحته للهجوم على السفارتين , هذا التصرف الجديد كان له أثر كبير على الموقف الأمريكي في أن تقول كلينتون لقد فقد بشار شرعية وجوده

فالنظام السوري فقد رصيده الخارجي الآن وحتى كلام وزير الخارجية الإيرانية له دلالات على أن النظام الإيراني بدأ يقتنع بأن الثورة ناجحة والنظام آيل للسقوط , وبالتالي لن يمر وقت طويل حتى يجد النظام نفسه في زاوية ضيقة جداً , محاصر في الداخل من الثوار ومن المعارضة ومن المستقلين ومن المنشقين عن النظام , وقد نرى قريباً اجتماعا ً للجامعة العربية تفوض مجلس الأمن في التصرف  لحماية الواطنين السوريين من النظام , ومحاصر خارجياً من المعارضة والمستقلين والذين ينادون بالتغيير ومن القوى الكبرى في العالم

في هذا الوضع الضيق على النظام قد نجد مبادرة تظهر فجأة للعلن خطة طريق وإنقاذ للوضع المتدهور في سورية , هذه الخطة كما أتصورها من قراءتي لتحرك وزير الخارجية التركية , وأصبحت واضحة للعيان وإمكانية تنفيذها الآن ,لضعف النظام والقوى التي يواجهها حاليا , والخطة مدعومة من مصر والسعودية وإيران واللاعب فيها النظام التركي في أن يتم انتقال سلمي للسلطة مع بقاء بشار الأسد رئيساً حتى نهاية فترة رئاسته وتحول ديمقراطي يتم خلال تلك الفترة عن طريق عقد مؤتمر وطني بين المعارضة والنظام , وتشكيل حكومة جديدة بحيث تتحول الصلاحيات من رئيس الجمهورية إلى رئاسة الوزراء, وتفكيك السلطة الأمنية وإيجاد مقر آمن للمتهمين في الجرائم البشعة من قبل المحيطين ببشار الأسد

المهم الآن على اللجان التنسيقية الثورية في الداخل , أن تتم الدعوة للتظاهر في هذه الفترة بالذات وبقوة واستمرار التظاهر وتعبئة كل الطاقات للحراك والإعتصام قبل أن تهدأ ثورة الغضب بين الغرب والنظام واستغلال حدة الصراع بين الفريقين والإستفادة منه لصالح  الثورة.