الطاغوت (2)

عبد المعز الحصري

[email protected]

مقدمة : جاء في تفسير قوله تعالى" فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى والله سميع عليم "  (1) أي من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل مايعبد من دون الله ووحّد الله فعبده وحده وشهد أن لاإله إلاالله ( فقد إستمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها)  قال مجاهد:العروة الوثقى يعني الإيمان ، وقال السدي : هو الإسلام ، وقال سعيد بن جبير والضحاك يعني ( لاإله إلاالله )، وعن أنس بن مالك :العروة الوثقى القرآن ، وعن سالم بن أبي الجعد قال : هو الحب في الله والبغض في الله ، وكل هذه الاقوال صحيحة ولاتنافي بينها المرجع :  مختصر تفسير ابن كثير : محمد علي الصابوني ص 232-233

طاغوتستان

هي دولة يحكمها الطاغوت ، وهي ومافيها ملك للطاغوت " أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي "  وينصّب فيها الطاغوت نفسه إلها على أفرادها  " ماعلمت لكم من إله غيري " وبقانون الطاغوت الذي سنّه لنفسه يكوّن البلطجة – وماشابهها-  ويهدد ويقتل " يقتل أبناءهم ويستحيي نسائهم "  فالكل بأمر الطاغوت يسبحون حوله ، ويسبّحون بحمده ، ويسجدون له، لأنه النجم الأوحد ، ففي دولة طاغوتستان كل حرف أو اشارة من الطاغوت تعتبر قانونا ويصفق له الجميع (( بإ ج ماع – ماع – ماع  )) وويل ثم ألف ألف  ويل لمن لايصفق بحرارة ، فهو الملهم الأوحد ابن الشعب البار والقائد الفذ ، بل قد يكون عميد القادة العرب ، ومن هو على شاكلته  يغير في كتاب الله ما شاء متطاولا بذلك على الذات الإلهية ، ولكن الله يمهل ولا يهمل

النظام يريد إسقاط الشعب  

هذه الفقرة ليست جديدية علينا فهي قديمة قدم التاريخ ويشهد على ذلك كتاب ربنا في سورة البروج ، حيث أراد النظام إسقاط الشعب والتهمة الموجه للشعب أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد

   " وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد  "  سورة البروج                       

ولكن مع تطور التكنولوجيا وعصر الكمبيوتر والنت والفيس بوك، يحاول النظام الشيطاني بكل قوة إسقاط  الشعب ودفنه في مقابر جماعية أو يلقى بهم في قاع المحيط ، وربما يدفن بعض الناس أحياء نظرا للسرعة القصوى ، والشعب الذي يخرج على الطاغوت وقانونه يستحق اسقاطه في أتون الجحيم ((( حسب رأي االطاغوت وما يشير عليه أعوانه أمثال هارون وقارون وقابيل)))،  وقد يضطر الطاغوت الى الحصار بالحديد والنار ليجبرهم على الخروج  من بلده لأنهم أناس يتطهرون حتى يطيب له العيش مع أمثاله وعلى شاكلته وهو أدرى بشاكلته ولو لبس ثوب الأسد فإن تحته كما يصف نفسه أمثال الجرذان وأصغر من الجرذان   ، ولكن الله سامع دعوة المظلوم من فوق سبع سموات وناصره وما على الشعب إلا الوحدة والاعتصام بحبل الله المتين والرجوع الرجوع إلى الله بالكلية ، ولن يموت حق وراءه مطالب ، وحق الحرية والكرامة تتواجد منذ الولادة فهي توأم الفطرة  وصدق الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في قوله " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "

أطفالنا أمانة في أيدينا

 أولادنا  " أطفالا وفتياننا " هم الشرارة الأولى في إيقاظ الهمم وبعث الثورات ورد الحقوق إلى أهلها (( وهذا ابن الراعي  الذي نطق بالحق وهو في المهد لتبرئة العابد جريج  ، وهذا أبو الأنبياء عليه السلام  وهو في سن الفتوة يجعل أصنام القوم جذاذا إلا كبيرهم ..وهذا الولد الصالح الذي كان يذهب بين الراهب والساحر وفي قصته- أصحاب الأخدود- أراد النظام اسقاط الشعب ...))

قلت :  يلتقط بعض أطفالنا كلمات الثورة ويرددونها وهم لايعرفون معناها ، فتسمع بعضهم يقول  " هرمنا ويضع يده على رأسه ، وغيره : ارحل تفو تفو – أي مع تفل على الطاغوت -   وهو- أي الطفل -  يلفظ كما يسمع وقد يحوّر في الكلمة ولا يدري ،والشيء بالشيء يذكر ، وأذكر أنّ أحدهم كان  يفتخر علينا بقوله أنا حججت وعمري سنة واحدة ، وما علينا نحن معاشر الآباء والأمهات إلا أن نرضع أطفالنا حليب العزة والحرية والكرامة ، ونخرجهم معنا إلى الثورات السلمية ،وعلينا أن نعلمهم غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تصبح زمرة دمهم ثورية إيجابية ..

 فهذا طفل بعد عودته من الثورة يقول لأمه : أبي أخذني إلى الحفلة ولم يضيفني شيء ، قلت : برأي الطفل إنها حفلة وعندما يكبر سيفهم الدرس جيدا ويكون لحم أكتافه قد نبت من تلك الثورة  ،شجاعة وثورة على الظلم والطاغوت وسيكون ذلك دافعا لتحرير نفسه وأرضه من براثن يهود وأذنابه.